الجمعة، 29 يونيو 2018

هاروكي موراكامي

هاروكي موراكامي.


الأديب الياباني الذي يعد من أفضل الكُتّاب مبيعا للروايات والقصص في اليابان والعالم، وقد تُرجمت أعماله لأكثر من خمسين لغة، 

وتم بيع ملايين النسخ من كتبه حول العالم، يمتاز أدبه بالسوريالية واللا واقعية والفانتازيا، حصل على عديد الجوائز من بينها جائزة خيال العالمي، 

وجائزة فرانك أوكونور الدولية للقصة القصيرة. 

بدايتي مع أعماله كانت من خلال رواية كافكا على الشاطئ، الرواية الذائعة الصيت، 

والتي أعجبني بها: الأسلوب الشائق والغموض وأسلوب طرح الأفكار ومزج الخيال بالواقع، والسوريالية الجاذبة والمثيرة للفضول والأسئلة، 

وأكثر ما سحرني بها هو الانطلاقة نحو العقدة، التي يتحمس لها القارئ ويقرأ بشغف ليصل بعدها لنهاية التي لا يعرف كيف ستكون لكنه يضع عدة احتمالات، 

ظانا منه أنه قد يصطدم بنهاية مثيرة جدا، تحبس الأنفاس، لكن النهاية  لا تقع ضمن توقعاتك.

 البساطة، والواقعية التي قد تبدو غربية إذا ما قيست على السمة العامة للرواية التي امتازت ومُلئت بالغرائبيات واللا معقول، 

معطيا لنا عنوانا عريضا تفصح عنه الأحداث الختامية، أن الخيال واللا واقعية وكل غريبة تقرأها، ستبقى في حدود المعقول، 

مهما بدت لك طلائع النهاية توحي بخاتمة لا تقل غرابة عن البداية وسائر الأحداث، لكنها لن تخرج من واقعية هذا العالم وقوانينه،

 فصدمة القارئ التي يعمل على إبرازها هاروكي كانت في اطلاق عَنان خيال القارئ ليعيده تدريجيا إلى حقل الطبيعية وقوانين العالم المتعارفة.

 مزيج فني وأدبي، يصهر في إطار روائي واحد، لا يغلب أحدهما الآخر، ففي النهاية الخيال جزء من منظومتنا الفكرية والإبداعية، والتي عرف كيف يوظفها في رواياته. 

قد تكون أعماله غير جاذبة لبعض القرّاء، لكن لا بأس أحيانا بدفقة من الجنون تزيح بها أبعاد المنطقية أو في الأقل جعلها أكثر مرونة في تقبل أعمال أدبية كهذه،

 وأن تحلق في فضاء ميتافيزيقي مليء بالفانتازيا، والغرابة، والجنون، والعبثية، والفوضى، والغموض، والألغاز. 


يأخذنا في روايته القصيرة نعاس، إلى حقل آخر من حقل الإنسان الذي يجب أن يبحث في أموره المعتادة ليجد الجديد واللا معتاد، 

بعد أن ترى بطلة الرواية حالمة أو متخلية، جسدا بشريا بهيئته يقف عند سريرها ويصب الماء على قدميها، في مشهد يشبه حالة جاثوم النوم، 

تفقد فيها القدرة على إبداء أي ردة فعل، ينتهي هذا الموقف المخيف لبطلة الرواية بسلام، لتصاب بعدها بانعدام النعاس والنوم، فهي تبقى مستيقظة دون أن يهاجمها النعاس، 

أو ترغب بالنوم، التعامل مع هذه الحالة في بادئ الأمر كان يعتريه الشك وعدم الوثوق مما حدث، والتردد في اتخاذ الخطوة المناسبة،

 لكنها تقرر التعامل مع هذه الحالة بصورة أكثر إيجابية مستغلة الوقت الطويل الذي كانت تستغرقه في النوم، في أشياء تحبها وكانت تفعلها قد أنستها إياها الحياة والزاوج والعائلة، 

وتعود لممارسة عادات تحبها، لتحول هذه الحالة غير الطبيعية إلى حَسنة ودافع لتغيير واقع قد تلبسها وأنساها نفسها، العودة لاحتساء الخمر والمطالعة، واكتشاف زوجها، وكيف انجذبت لشخص مثله. 

الحادثة التي كانت نقطة مفصلية في حياتها على المستوى الشخصي، في الوقت الذي أبقت الأمر مقتصرا عليها، لم تترك للآخرين فرصة اكتشاف ما حدث، ولتتحول الحالة إلى أكثر تأثيرا فيها،

 بعد أن قرأت عن النوم وأنه آلية تجديد طاقة الجسد ليقوم بأعماله اليومية، وهنا تطرح السؤال هل أنام لأعيد لذاتي الطاقة من أجل الاستمرار في العمل اليومي الذي استمررت عليه لسنوات!

 لتبدأ برحلة جديدة في عالمها ينتهي نهاية لا تقل غرابة عن حالتها. 

ادراج حالة خيالية أو غير قابلة للتصديق، في متن العمل الأدبي، وتوظيفها في توفير الأرض المناسبة لزرع بذور ثمار قديمة من أجل ثمار بنكهة وطعم مختلف، عملية إعادة قراءة للحياة ولدواخل النفس بذات الأدوات، هو إحدى السمات الفنية لهاروكي موراكامي، 

بأسلوب سلس يتدفق بصورة تصاعدية أحيانا، وقد تكسوه الرتابة، لكنها رتابة في اللا معقول، حيث التفاعل الذي تقوم به خيالاته المطروحة باستمرار تدفق السرد دون ملل أو مطبات يضيع معها القارئ، 

أو تضيع الفكرة التي يرمي إليها. ونقرأ عملا مشابها في المضمون لدى كويلو في روايته: فيرونيكا تقرر أن تموت، حين تكون محاولة الانتحار والعيش في مستشفى المجانين،

 هي النافذة التي نرى العالم فيها نظرة مختلفة، كيف تتحول حالة مرضية كالأعراضِ الجانبية النفسية لمحاولة انتحار فاشلة أو كانعدام النعاس واختفاء أي رغبة في النوم،

 إلى محفّز للانقلاب والثورة على كل شيء والعيش بطريقة نصنعها لا أن نعتاد عليها دون سابق اختيار.


 الحال لا يتغير كثيرا في قصصه التي توحي بعضها بالغرائبية كما في قصة المكتبة الغربية، حين يدخل الفتى باحثا عن كتاب، ليُحبس بعدها في المكتبة بسبب العجوز الشرير، ويحاول بعدها إيجاد سبيل للهرب من مأزقه، وهي قصة التي فيها شيء من طفولة أي منا، 

الجموح في الخيال، السفر إلى عالم تحفه المخاطر، يمزج هذا الخيال في حياة طفل طبيعية يحب القراءة والاطلاع، لنجد خاتمة مفتوحة مليئة بالتساؤلات وأمَا حدث كان فعلا أم أنه مخاوف تشكلت وسيطرت على ذهن الفتى، 

جرته لينسى واقعا ألمَّ به وهربا من مصير محتوم، حين تغيب خيوط القضية في حدث القصة، يبقى لكل قارئ نافذته الخاصة يقرأ فيها العمل وفقا لما تنستجه أفكاره ومخيلته التي تفاعلت مع القصة أثناء القراءة. 


وفي قصة ليدرهوزن، يعطي القصة وعناصرها طابع الفكاهة والغرابة والواقعية، والنظر للزوج من خلال شبهائه، كيف يمكن أن نكتشف عيوب من نحب أو من ارتبطنا بهم من خلال آخر لا يمت لهم بصلة. 

وكيف يكون خيار عدم الاستمرار سهلا وأن تكون أسبابه مهما بدت في أعيينا صغيرة وتافهة ألا أنَّ لها في وقعها في بحيرات دواخلنا الأثر الكبير، الذي لا مناص من اتخاذ قرار لا رجعة منه.


 أما في قصة حرق الحظيرة، التي يلتقي بها البطل برفيق صديقته الذي يهوى حرق الحظائر خاصة تلك التي لا القديمة والتي لن يكترث لها أحدٌ كثيرا كما يقول، وبعد أن يُطلع بطل الرواية على هدفه الآخر يبقى شغله وجل اهتمامه أن يعرف أي حظيرة ستكون التالية،

 التأثير النفسي التي يُفرض على البطل من جراء اهتمامه بهذا الموضوع، يجعله يفكر بإحراق حظيرة وترك الانتظار، القصة برمزية تقف على إسقاط كل منا على فكرة تخطر بباله،

 فما أراه أن ما قصده من الحظائر وحرقها، هم البشر الذي نتعرف عليهم خلال حياتنا، والحرق لا يعني بالضرورة الإيذاء أكثر من كونه الاستحواذ على الآخر وجعله خاضعا لما نفرضه، 

سواء أكان قائما على العاطفة أو المال أو الصداقة أو أي رابطة نحكم وثاق الآخر من خلالها، وتأثيرات غياب أي ما يجمع الآخر معنا أو يربطه بنا، قد يحمل التأثير جوانب سلبية أو إيجابية فما يحددها هو نمط العلاقة ونوعها، الحظيرة التي كان بطل القصة يفعلها لم تكن في مكان ما في منطقة سكنه، كانت رفيقته، ففي ختام القصة حين يبحث بطل القصة عن صديقته، 

وحين يسأل رفيقها عنه، يجيب بالنفي وأنه لا يعرف مكانها، وأصدقاؤها التي تدون أسماءهم في دفترها والتي قد يساعدون بطل القصة في معرفة مكانها هم مجرد أسماء أكثر من كونهم أصدقاء فعليين، لكن بطل القصة،

 يبقى في بحث وتساؤل مستمر عن حظيرة احترقت أو حظيرة يُحرقها، ولم يطلق لخياله العَنان، ولم يدرك أن الحظيرة قد احترقت واختفت نهائيا، وهذا الرفيق يبحث عن حظيرة أخرى يحرقها، بنار لا دخان لها. 

الأحد، 24 يونيو 2018

طوق الحمام - رجاء عالم.

الرواية الفائزة بجائزة البوكر مناصفة مع رواية القوس والفراشة لمحمد الأشعري سنة 2011، الرواية للكاتبة السعودية رجاء عالم والتي صدرت عام 2010 عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء


عنوان الرواية قد يأخذنا لكتاب ابن حزم عن الحب "طوق الحمامة"، لكن الحب في هذه الرواية لا يقل غرابة وتميزا عن الرواية، هي ليست رواية حب فقط، هي الجريمة، هي البحث عن المجهول، عن الحي القديم الذي يصارع التقدم العمراني في عصر ما بعد الحداثة، هي الماضي والحاضر في مجتمع مكة وتاريخها المليء بالأحداث، ذات القيمة الروحانية والتراثية، والاحتضار الذي يلفها ويحاول تحويلها من عاصمة دينية خالصة إلى عاصمة الدين فيها الروح والمكانة في قلوب المسلمين فقط، في الوقت الذي تحيط بها الأصنام الحجرية الجديدة، أصنام العمران والتوسع التي تبدو فيها الكعبة في مقابلها مجرد مكعب حجري يحيطه السواد. وأنا أقرأ الرواية غامرتني مخيلتي وذاكرتي بصور الكعبة القديمة والحالية وما حولها، كيف ستكون كعبة المستقبل، السؤال الذي تطرحه رجاء في صفحات الرواية، هل ستعود الأصنام التي هدمها النبي للظهور؟ أصنام بهيئة جديدة وتتخفى باسم التوسع والعمران والفنادق والمحلات التجارية العالمية، لتتحول من واجهة دينية إلى واجهة اقتصادية حيث البذخ المنافي لكل صور الإيمان والزهد، يريدونها نسخة من لاس فيغاس كما يقول بعض المهتمين بهذه النقلة النوعية لمكة، هذا الأمر الذي دعا الكثير من المهتمين بالأماكن الأثرية والتراثية الإسلامية بالتحذير من الطمس الذي يجري في مكة وأحيائها وحصونها القديمة، هذا النقد والتحذير الذي تبثه رجاء، يأتي ممزوجا في خوف وشوق إلى الماضي الذي تعيشه في ظلاله المتلاشية وعاشته في زمن خلا، الماضي الذي لن يعود


تبدأ الرواية حين يستيقظ حي أبو الرووس -الحي القديم في مكة والذي لم يعد له وجود- بجريمة قتل لا يدل عليها شيءٌ سوى أنها جثة امرأة مشوهة الوجه، ومجهولة الهوية، يستلم المحقق ناصر القحطاني التحقيق في الجريمة، لتتفتح أمامه أبواب مغلقة، تُعقد عليه قضيته مع الجثة المجهولة، التي يتزامن ظهورها من اختفاء عائشة وعَزَّة من حي أبو الرووس، لتقوده التحقيقات مبكرا لمذكرات يوسف ورسائل عائشة الإلكترونية


مذكرات يوسف:

 

يوسف المهتم في تاريخ مكة القديم، بآثارها القديمة، بتاريخها، وكل مَعْلم يقوده إلى أسرار مكة المحاطة بالجبال، تبرز المذكرات شخصيته العاشقة والمحبة لهذه الأرض، ورفضه للكثير من عادات المجتمع المكي، حيث علاقة هذا المجتمع  مع الدين علاقة بعيدة عن الروحانية، أكثر من كونها تركة مكانية، يُجبر سكان المجتمع على حلمها وإثقال كواهلهم بها. يجد نفسه في صراع ومواجهة مع كل شيء في حي أبو الرووس، هذا الحي الفقير الذي يقف وحيدا وضعيفا قُبالة عاصفة التعرية التي تُقبل عليه. وتبدو أيامه المعدودة قصيرة وقصيرة جدا، وكل شيء يوحي بالنهاية


رسائل عائشة:

 

بعد رحلة علاجية في بون - ألمانيا، تعيش خلف شاشة حاسوبها في حي أبو الرووس تكتب الرسائل لطبيبها، الرجل الذي لمس زر الحب في داخلها، وبعث فيها المرأة العاشقة، المرأة التي تصاحب الحب في رحلته الخالدة، الرسائل التي تضم جوع المرأة للرجل الحبيب، ترافقها رواية نساء عاشقات، حيث تحبس نفسها مع شخصيات د.هـ. لورنس، غدرون وأورسيلا وبيركن وجيرالد، الحب الذي يجمع هؤلاء الأربعة، ورحلة إلى دواخل مجهولة تقودها فلسفة لورانس في الحب والتركيبة الداخلية للمرأة إلى عوالم خفية تطل من نوافذها، تقرأ المخبأ خلف السطور، هذا الفيضان الذي تسمح له أن يغمرها، ويجرفها إلى الضفة البعيدة، الضفة التي تظهر وتختفي كومضة ترشد غريقا إلى حياة أخرى، غرقى الحب في بحر الصراع مع الذات، لا تدري كيف يكون مآلها في الغد. الرسائل التي يحاول ناصر اللحاق بركبها، وتفكيك رموزها، علّه يصل إلى وسيلة تمكنه من حل قضيته، إلى معرفة تلك المجهولة الهوية، ذاك الوجه الذي غيّبه التشويه عن إدراك الأعين له، رسائل لم تكن مجرد أدلة بحث في جريمة، لكنها أيضا هي تسلب ناصر شخصيته، تُوقض فيه الإنسان، تحفر الكلمات برفش نقاطها بئر المرأة الذي أغلقته الحياة بحجارتها، كانت كلمات عائشة التي تملأ رسائلها، وتخاطب الحبيب البعيد هي المفتاح الذي يلج بابه، إلى الداخل يا ناصر، إلى السنين الضائعة، يخاطب نفسه، يخاطب وحي الرسائل


أبو الرووس:

 

أبو الرووس ليس مجرد أرض حدث ومكان رواية، هو السارد وذاكرة رجاء المكانية الساكنة في تلافيف دماغها، يتوزع دوره بين السرد، إذ توظفه رجاء ليكون ساردا حرا، يأخذ نصيبه من قصعة السرد الحية، حين يسرد المكان أبطاله، حين تسرد الرواية نفسها، تحلل أبطالها، يتبادر للذهن أن السارد هو جدار محل في حي أبو الرووس، أو ربما الأرض التي يشمون عليها سكانه، أو ربما منزل أو سطح، أو هو كائن أثيري اسمه أبو الرووس، وبين كونه حيا مترامي الأطراف يحتضن أحداثا وشخصياتٍ، وبعد النهاية، سيذوي إلى دنيا أخرى إلى سماء مجهولة اللون، أبو الرووس الموغل في القدم مع مكة والكعبة التي بُنيت في زمن قديم، يبدو ممسكا بكماشة ذاكرته على كل شيء يدور فوقه وحوله وفيه، خائفا من القادم الذي سيكتب نهايته


** 

لم أقرأ من مدة رواية تخلب لبي، وتأسرني إلى الخاتمة، وتبقى أسرارها غامضة حتى الختام حيث تتكشف بعض الحقائق، ويبقى في الغموض بعضها الآخر، الرواية مكتوبة بذكاء واضح، حيث المزج بين الأسطورة والواقع، التوظيف للأسطورة في أحداث وقصص الرواية الداخلية، يُضفي للرواية بعدا ما ورائي يتجلى في الشخصيات دون أن يكون هو المسيّر لهم، يختلط مع الشخصية مع الحدث مع السرد مع القالب الروائي، عمل إبداعي وهو يحاكي المجتمع الحجازي، والتنقل في نفوس الشخصيات وقراءة الحياة من خلالهم، ولا يغيب عنها الظلمة ذات السطوة والمال والنفوذ التي بإمكانها الحصول على كل شيء، وقدرتها على تغييب الحقائق وطمسها، لا يقف بوجها أحد، الجوع الذي يعبدونه يُمضي بهم وبالمجتمع في بحر سماءه بلا قمر ولا نجوم، تيهان في صحراء تبتلع كل العمالقة الذين ظنوا أنهم قادرين عليها

تبدأ الرواية بجريمة، تنتهي بحرق الرسائل، وما بين الدفتين الكثير من الألغاز التي بُعثت وبقيت بلا حل. الشخصيات في الرواية في صِدام مع الحاضر ومع القناعات والرغبات، تعيش في عوالم متضاربة في الأصالة أو الطامحة للتجدد، السعي نحو الأمام، الصراع بينهم يأخذ نمطا تصاعديا أو تنازليا اعتمادا على الحدث أو القضية، القضية التي يجدون أنفسهم مُلتهمين في جوفها، هي كالأمس القابض عليهم بتاريخه الذي لا ينفك من ملاحقتهم. يغرق القارئ مع الفوضى التي تسردها الروائية، ويضيع في متاهات التاريخ وجغرافية المكان، فوضى منظمة، تتشابك فيها الخيوط، تتداخل تجذب القارئ إلى عمق خفي هو ذهن الكاتبة حين كانت تكتب، ليس من السهل أن تفهم كل ما أرادته الكاتبة، حيث يبقى السر والغرابة وعدم الوضوح مسيطرا على بعض تفاصيلها، فيها دعوة غير صريحة بوجوب قراءة الرواية أكثر من مرة، فأمثال هذه الروايات لا تظهر حقيقتها كاملة من أول قراءة، هي لأولئك الفضوليين، الذين يبحثون عمّا في ذهن الكاتب، حيث القراءة بالنسبة لهم، لعنة حياة لا بد من التخلص منها، والانطلاق مسافرين نحو عالمِ أسرار الرواية.