الخميس، 16 نوفمبر 2017

النثر العربي القديم.

النثر العربي القديم.

نظرًا لأن العرب حفظوا الشعر ولم يضيعوا عشره، ضيّعوا النثر ولم يحفظوا عشره، كما قيل في هذا، ظن الكثير أن النثر العربي ليس له جذور في أدبنا؛ لكنهم مخطئون فقد عرف العرب النثر قديما وكان يتمثل بالخطب والمواعظ والعِبر. 
وينقسم إلى نوعين:

١- تخييلي: كالمقامات والسيرة والخرافة والقصص.
٢- وصفي: كما في نثر كبار الكُتّاب كالجاحظ والتوحيدي، ويكتب لغايات متعددة هدفها إيصال المعرفة إلى المتلقي.

أنواع النثر التخيلي: 

١- القصة والقص (الحكاية): وهي ما شيع في عهد الخلفاء، حيث كان القُصّاص يقصون الحكايا الوعظية والدينية على الناس. 

٢- الخرافة: والأثر الديني فيها لما ورد عن النبي حول "حديث خرافة" والذي اختلف حول صحته، والذي يُذكر فيه أن رجلا تخطفه الجن ويعود منهم بحكايا كثيرة، ويختلف المتن من راوٍ لآخر حول هذه القصة لكن تبقى ترتبط بالجن وبعجيب القصص وغريبها.

وعلاقة القصة والخرافة تقوم على ثلاث أطرف:

١- الراوي. ٢- والمروي (القصة أو الحكاية). ٣- والمروي له (المستمع).

ومن أشهر القصص التي شاعت في الأدب العربي قديما، قصة ألف ليلة وليلة 
والتي اُختلف حول مصادرها ما بين الهند وفارس والعرب، ومن المصادر الفارسية لقصة ألف ليلة وليلة هو كتاب هزار أفسانة.

وقصة ألف ليلة وليلة تبدأ بـ:
الملكان الأخوان شهريار وشاه زمان ملكا الصين وفارس على التوالي، تخون زوجة شاه زمان مع عبدها فيسافر إلى أخيه الذي دعاه ويبقى عنده، ثم يكتشف خيانة زوجة أخيه مع عبيدها، فيخبره بهذه الخيانة فيقرران السفر، ويلتقيان جنيًا يحبس جارية تضاجع كل من تريده وتلقاه غفلةً عن الجني، فتطلب منهما أن يضجعاها، فتضاجعهما، فتهون عليهما مصيبتهما، يعود شهريار ليتزوج كل ليلة واحدة ويقتلها بعدها، وتبقى آخر فتاة ابنة وزيره شهرزاد، التي تروي له الحكايا كل ليلة على مدار ألف ليلة، تنتهي بزواجها من شهريار.

وهناك كتاب آخر هو كتاب مئة ليلة وليلة.

يسمع ملك الهند دارم أن هناك شخصا اسمه فهراس الفيلسوف لديه كتاب فيه قصص عجيبة عن ملك لديه مرآة ويسألها عن كل شيء فتجيبه، ويسألها من أجمل مني فتجيبه  أنت الأجمل، وفي إحدى المرات قال له شيخ: يوجد فتى يفوقك جمالا، فبعث به ليجلب الفتى 
فذهب إلى خراسان ليجلب الفتى، وهم في الطريق نسى الفتى شيئا فعاد لمنزله، فرأى زوجته مع عبده تواقعه؛ فقتلهما وعاد إلى الملك، وكان متعبا لما جرى لزوجته فأثّر تعبه على حُسن وجهه وهيئته، وفي أحد الأيام رأى زوجة الملك مع جواريها وعبدًا أسود يتضاجعون فهانت عليه مصيبته، ولما عرف الملك عن سر تحسّن هيئته سأله عن السبب فرفض ومن ثم أجابه بعد إصرار الملك،  فقتل الملك دارم زوجته والعبيد ومن ثم الاستمرار بنفس فعل شهريار، مختلفا فقط في الليالي فهي مئة ليلة، ومصير شهرزاد فيها مجهول والقصة غير كاملة.

والاختلاف في القصتين على مستوى السرد الداخلي وتعدد مستويات الرواي والمروي له والمروي. (للتفصيل أكثر مراجعة كتاب، النثر العربي القديم - د. عبدالله إبراهيم).

٣- السيرة: تبدأ من سيرة النبي وتدوينها على يد ابن إسحاق ومن ثم ابن هشام.
وتشمل أربعة أنواع: 

أ-التراجم: سيرة مختصرة لرجال العلم والفقه والصحابة والأطباء إلخ.

ب- السيرة الموضوعية: سير شاملة لشخصيات مهمة كسيرة عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي.

ج- السيرة الذاتية: سيرة يكتبها الكاتب عن نفسه.

د- السيرة الشعبية: وهي المرويات التي يرويها العامة.

وأشهر السير الشعبية:
١- الأميرة ذات الهمة.
٢- عنترة العبسي.
٣- الهلالية (أبو زيد الهلالي). 
٤- سيف بن ذي يزن
٥- الظاهر بيبرس.

٤- المقامة: تعني من جذرها اللغوي المجلس، أو الجماعة من الناس، وأصبح معناها الأحاديث التي تُروى في المجالس، والتي كانت بدايتها ذات أغراض وعظية ودينية، لتتطور إلى وقائع متخيلة.

ومن أوائل المقامات، حكاية أبو القاسم البغدادي، والتوابع والزوابع لابن شهيد الأندلسي، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري. واللاتي اعتمدنّ على مبدأ التجوال في مدينة ما كحكاية أبي القاسم، أو عالم الجن كالتوابع والزوابع، أو عالم الآخرة، كرسالة الغفران، وتقوم على قص مشاهد ورواية حكاية ذات أهداف معينة. 

كما يشير الحريري إلى أسبقية بديع الزمان الهمذاني الإبداعية في فن المقامة. لكن هناك من سبقه زمنيا في كتابة فن المقامة والتي تُقسم طبقاتها إلى أربع ما بين القرنين الثالث والسادس الهجري:

١- الطبقة الأولى: ابن بسام والنوري الصوفي.
٢- الطبقة الثانية: الهمذاني وابن نباتة السعدي.
٣- الطبقة الثالثة: ابن بطلان وابن ناقيا.
٤- الطبقة الرابعة: الغزالي والحريري والزمخشري.

وإن البنية المميزة التي وضع أسسها الهمذاني تقوم على: راوٍ ينهض بمهمة إخبارية محددة، وبطلٌ ينجز هذه المهمة. ومن خلاصة تفاعل الراوي والبطل يقوم متن حكائي قوامه الحكاية والرواية، والعلاقة التي تربطهما. 

ويتميز الراوي في النثر العربي القديم أنه راوٍ مفارق لمرويه، أي أنه يروي أحداثًا لم يُعايشها، وهو يفرق عن الراوي المتماهي في روايته، من يعايش أحداثًا ويرويها كشاهد ومعاصرٍ لها.

المصدر: النثر العربي القديم - بحث في البنية السردية - للدكتور عبدالله إبراهيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق