الأحد، 25 فبراير 2018

كتاب العبودية - مكسيم غوركي.



كتاب يضم رواية قصيرة وثلاث قصص قصيرة، الرواية تدور حول قصة حبٍ عقيم وعبودية للأنثى التي لم تفكر إلا بنفسها وكما وُصفت بأنها لم يبقَ للحب في قلبها مساحة، تملأه بها، بطرس الذي وقع فريسة لمشاعرٍ أقوى من أن يُسيطر عليها لينجو من فخ لاريسا، فبعد أن أبعد أخاه لوكيا الذي هام بها، ليستحوذ على الواجهة مع لاريسا، تبدأ حياة المعاناة والشقاء، الذي كان يطمح أن يفعل الزمن فعلته ويؤثر في محبوبته، ويبقى في محطة الانتظار على أمل أن يصبح هذا الحب المشوه جميلا، لكنه كان قبيحا في جوهره، فأضحت مهمته مستحيلة. هذه الرواية على الرغم من قصرها ألا أنها عميقة جدًا بطابعها الإنساني ومحاولة فهم العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة والتضحية التي يقدمها الحبيب لأجل من يحب، وسبر غور ذاك الجمود الذي يعتري المرء في هذه الحياة عندما يقع آخر في غرامه.

وأنا أقرأ هذه الرواية عادت بيَّ الذاكرة إلى رواية "أنشودة المقهى الحزين" لكارسون ماكالرز، حين يغرق الحب والتضحية في مستنقع يُلطّخ ثوبه الناصع البياض، هذا السبب الذي لا يُفهم أبدًا مهما تعددت الشروح حوله، الحب بتفاعلاته وانفعالاته ومصائبه، يبقى معتنقيه في متاهة كبيرة مهما كان حبهم جميلا وناجحا، حتى إنه ليزيد عظمةً كلما زاد مأساوية، فهذا فيرتر الذي عاش في دنيا الآلم حين وقع في حب شارلوت، في رواية من الأدب الخالد للألماني فان غوته يقرر الانتحار فآلامه فاقت الحد الذي يُحتمل. بطرس الذي يروي حكايته لمشترٍ أصابه الفضول لمعرفة حكاية هذا الرجل، يروي عائدًا بالزمن إلى الوراء محاطا بذكريات أو بقيود محبوبته التي لم تحبه، ما زال يرتشف الألم من كأس الحب المكسور، ليستمر نزيفه، ليستمر عذابه، ليستمر دمعه، وليستمر بحكاية العبودية التي لا تنتهي إلا بنهايته


أما القصص القصيرة، فكانت كما قال غوركي في مقدمة هذا الكتاب: "إن غاية الأدب هو أن يُعين الإنسان على: أن يفهم بنفسه وأن يؤمن بنفسه، وينمي فيه الطموح إلى الحقيقة، وأن يكافح نوازع الشر في طبيعة البشر،..." 


فكانت هذه القصص الثلاث تطبيقا فعليا لما أراده من الأدب، ففي قصة ليلة خريف، التي تبدو كأنها حلمٌ سريع بين غانية وعابرٍ، يجمعهم الجوع والبرد، وحديث عن صعاب الحياة، وخذلان البشر، والقصة الأخرى بعنوان المهرج، هي بحث عن ذواتنا الضائعة والمسحوقة بين سندان الحاجة ومطرقة الآخر الغارق بزيف المظاهر، الذي يتناول رغيف خبزه ولا يدري كيف وصل لمائدته، وهناك الآخر الذي ينظر للحياة أنها محطة للتجارب فقط، يدخل إليها ولا يهمه كيف يخرج منها، مشتت فقط ليصفع المخطئ دون أن يفكر بعواقب الصفع، وبعد الخطأ يبقى متحيرًا لم يفهم كيف سينجو بنفسه التي قادها لمصير غائم أيُمطر أم تُبدد ريحه في فضاء المجهول؟  

القصة الأخيرة كفاح، قصة الكفاح ضد شرور النفس ونوازعها الباطلة، مأساة العوز والحاجة والتفكير في من هم تحت سُلطاننا، كل هذه الأفكار والهموم حين تُلقي بثقلها على ظهر ضعيف، فإنها تقصمه، ولا تبقى له مجالا للمقاومة أبدا، حيث الانكسار الذي يُودي إلى القبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق