تدور الكثير من الروايات حول قصص الحب، وشهد الأدب ظهور التيار الرومانطيقي، حتى أن كلمة رواية Romance تعني قصة حب بين طرفين، لذلك كثيرا ما كان الحب هو المادة الروائية لكثير من الروايات، وقد لا تخلو رواية من الإشارة للحب أو يكون الحب دفينا نعرفه من بعض المواقف والأحداث. لا تنتهي قصص الحب دائما نهايات سعيدة أو في الأقل يتمنى القارئ تجنب النهايات المأساوية، لكن بعض الروائيين آثروا النهايات المأساوية والحياة الشقية لأبطالهم.
***
في رواية آلام فيرتير لغوته وهي التي كانت من أوائل الروايات الرومانطيقية في القرن الثامن عشر، يقع فيرتير الرجل المرهف الإحساس في حب امرأة مخطوبة لغيره، لم ينصت للتحذير فكانت العاقبة وخيمة، عذابات مستمرة حتى ليشاركه القارئ أحزانه ويبقى السؤال كيف يُمكن للإنسان أن يرتكب خطأ ً يعرف سوء مآله. يواجه فيرتير عذاب الغيرة من الزوج، الذي أحسن إليه، ورحب به، كصديق عزيز، فتنشب نار الغيرة في صدره، وتضطرم حين يجد من يحب في حوزة آخر، فهل يحق له أن يغار؟ إن هذا السؤال فيه من الإشكاليات والتداخل بين حالاته المختلفة ما يُثير الأشجان، ويُمرض الأبدان، في اللحظة التي يمتلك قلبك الحب لامرأة، يصبح من الصعب أن تميز ما لك وما ليس لك. على الرغم من حب شارلوت لفيرتير، لكنها آبت هذا الحب وهذه العلاقة وكتمت مشاعرها، يحاول فيرتير الهرب من القرية التي يشارك ألبرت وشارلوت الحياة فيها، لكن يفشل من الخلاص من حبها، وبعد معاناة ولأي يقرر شارلوت الانتحار وينتحر بعدها، يصل الخبر لشارلوت التي تنهار عند سماعه.
***
أما في قصة صرازين لبلزاك، فنحن في حضرة قصة حب غريبة، فبعد وصوله لإيطاليا يقع صرازين ومن أول نظرة بحب مغنية الأوبرا الزمبينلا، وبعد محاولات التقرب منها يصل لمراده، الزمبينلا رغم كل ما توحي به في نفس صرازين بالأنوثة والجمال والرقة والرهافة والنعومة، ألا أنها صدت عن محاولات الحب، وحاولت مرارا التملص من مشاعر صرازين وترسل له الرسائل المعلنة والمخفية أنها غير صالحة للحب ولا تريد منه شيئا سوى أن يكون صديقا لها، لكن صرازين يأبى الإنصات لها ولا التوقف عند الرسائل التي تشير لها الزمبينلا عن عدم كونها امرأة ويتبع المثل "من يحذر العاشق متاعب الحب كمن يبيعه الملذات!". صرازين مُصِرٌ ويا له من إصرار جلب له الويلات والموت لكن قبل الموت هناك الصدمة الكبرى لصرازين، الزمبينلا ليست امرأة، إذ يدخل إلى دار الأوبرا بعد أن قرر خطفها ليجد ذات الصوت والهيئة ولكن بزي رجل، ويعرف أن الزمبينلا ليست امرأة وليست رجلًا أيضا، ولم تكن سوى مخصي أمرد جميل، يقرر الانتقام لنفسه ويخطف الزمبينلا، وبما أن الزمبينلا كانت بحماية أحد الكاردينالات، فيتم اللحاق بالنحات الشهر صرازين الذي يخاطب الزمبينلا قبل قتله في معمله على يد رجال الكاردينال سكنياره قائلا: لم يبقَّ حب! لقد متُّ عن كل اللذائذ وعن كل العواطف البشرية.
***
ويأخذنا غوركي في روايته القصيرة العبودية لقصة حب عقيم آخر الرواية وعبودية للأنثى التي لم تفكر إلا بنفسها وكما وُصفت بأنها لم يبقَ للحب في قلبها مساحة، تملأه بها، بطرس الذي وقع فريسة لمشاعرٍ أقوى من أن يُسيطر عليها لينجو من فخ لاريسا، فبعد أن أبعد أخاه لوكيا الذي هام بلاريسا، ليستحوذ على الواجهة معها، تبدأ حياة المعاناة والشقاء، الذي كان يطمح أن يفعل الزمن فعلته ويؤثر في محبوبته، ويبقى في محطة الانتظار على أمل أن يصبح هذا الحب المشوه جميلا، لكنه كان قبيحا في جوهره، فأضحت مهمته مستحيلة. هذه الرواية على الرغم من قصرها ألا أنها عميقة جدًا بطابعها الإنساني ومحاولة فهم العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة والتضحية التي يقدمها الحبيب لأجل من يحب، وسبر غور ذاك الجمود الذي يعتري المرء في هذه الحياة عندما يقع آخر في غرامه. بطرس الذي يروي حكايته لمشترٍ أصابه الفضول لمعرفة حكاية هذا الرجل، يروي عائدًا بالزمن إلى الوراء محاطا بذكريات أو بقيود محبوبته التي لم تحبه، ما زال يرتشف الألم من كأس الحب المكسور، ليستمر نزيفه، ليستمر عذابه، ليستمر دمعه، وليستمر بحكاية العبودية التي لا تنتهي إلا بنهايته.
***
ولا تبدو قصتنا الأخيرة "أنشودة المقهى الحزين" لكارسون ماكالرز أقل شذوذا من سابقاتها، في قرية منعزلة في الجنوب الأمريكي، تعيش أميليا حياة عادية، ورتيبة حتى يظهر قريب لها، لتنقلب حياتها، وحياة القرية بأكملها التي ارتبطت بالمقهى الذي تم افتتاحه. تتغير حياة إميليا بعد ظهور قريبها الأحدب ذو المشيّة الغريبة، وتبدأ شيئًا فشيئًا رغم قساوة طبعها وجلافة صفاتها بالميل من هذا الأحدب لايمن وتقع في حبه. يتعود أهل القرية على قضاء أمسياتهم في مقهى إميليا، ويصبح قلب القرية النابض بالحياة والمرح والسمر. هذه الحياة لم تستمر طويلا فطليق إميليا مارفن ميسي تصبح له علاقة مع ابن الخالة لايمن ويسكن معهما في المقهى، لكن النهاية لهذا الحب في هذا المقهى يبدو هو الآخر تلفه الغرابة، والوحشة، وتعاسة الغارفين من نبعه، حتى يبدو أنه كاملٌ بتشوهاته ونقوصه. إذ يسرق الأحدب لايمن مع مارفن ميسي مقهى إميليا ويحطمان محتوياته، وتخسر إميليا مقهاها وحبها.
***
في رواية آلام فيرتير لغوته وهي التي كانت من أوائل الروايات الرومانطيقية في القرن الثامن عشر، يقع فيرتير الرجل المرهف الإحساس في حب امرأة مخطوبة لغيره، لم ينصت للتحذير فكانت العاقبة وخيمة، عذابات مستمرة حتى ليشاركه القارئ أحزانه ويبقى السؤال كيف يُمكن للإنسان أن يرتكب خطأ ً يعرف سوء مآله. يواجه فيرتير عذاب الغيرة من الزوج، الذي أحسن إليه، ورحب به، كصديق عزيز، فتنشب نار الغيرة في صدره، وتضطرم حين يجد من يحب في حوزة آخر، فهل يحق له أن يغار؟ إن هذا السؤال فيه من الإشكاليات والتداخل بين حالاته المختلفة ما يُثير الأشجان، ويُمرض الأبدان، في اللحظة التي يمتلك قلبك الحب لامرأة، يصبح من الصعب أن تميز ما لك وما ليس لك. على الرغم من حب شارلوت لفيرتير، لكنها آبت هذا الحب وهذه العلاقة وكتمت مشاعرها، يحاول فيرتير الهرب من القرية التي يشارك ألبرت وشارلوت الحياة فيها، لكن يفشل من الخلاص من حبها، وبعد معاناة ولأي يقرر شارلوت الانتحار وينتحر بعدها، يصل الخبر لشارلوت التي تنهار عند سماعه.
***
أما في قصة صرازين لبلزاك، فنحن في حضرة قصة حب غريبة، فبعد وصوله لإيطاليا يقع صرازين ومن أول نظرة بحب مغنية الأوبرا الزمبينلا، وبعد محاولات التقرب منها يصل لمراده، الزمبينلا رغم كل ما توحي به في نفس صرازين بالأنوثة والجمال والرقة والرهافة والنعومة، ألا أنها صدت عن محاولات الحب، وحاولت مرارا التملص من مشاعر صرازين وترسل له الرسائل المعلنة والمخفية أنها غير صالحة للحب ولا تريد منه شيئا سوى أن يكون صديقا لها، لكن صرازين يأبى الإنصات لها ولا التوقف عند الرسائل التي تشير لها الزمبينلا عن عدم كونها امرأة ويتبع المثل "من يحذر العاشق متاعب الحب كمن يبيعه الملذات!". صرازين مُصِرٌ ويا له من إصرار جلب له الويلات والموت لكن قبل الموت هناك الصدمة الكبرى لصرازين، الزمبينلا ليست امرأة، إذ يدخل إلى دار الأوبرا بعد أن قرر خطفها ليجد ذات الصوت والهيئة ولكن بزي رجل، ويعرف أن الزمبينلا ليست امرأة وليست رجلًا أيضا، ولم تكن سوى مخصي أمرد جميل، يقرر الانتقام لنفسه ويخطف الزمبينلا، وبما أن الزمبينلا كانت بحماية أحد الكاردينالات، فيتم اللحاق بالنحات الشهر صرازين الذي يخاطب الزمبينلا قبل قتله في معمله على يد رجال الكاردينال سكنياره قائلا: لم يبقَّ حب! لقد متُّ عن كل اللذائذ وعن كل العواطف البشرية.
***
ويأخذنا غوركي في روايته القصيرة العبودية لقصة حب عقيم آخر الرواية وعبودية للأنثى التي لم تفكر إلا بنفسها وكما وُصفت بأنها لم يبقَ للحب في قلبها مساحة، تملأه بها، بطرس الذي وقع فريسة لمشاعرٍ أقوى من أن يُسيطر عليها لينجو من فخ لاريسا، فبعد أن أبعد أخاه لوكيا الذي هام بلاريسا، ليستحوذ على الواجهة معها، تبدأ حياة المعاناة والشقاء، الذي كان يطمح أن يفعل الزمن فعلته ويؤثر في محبوبته، ويبقى في محطة الانتظار على أمل أن يصبح هذا الحب المشوه جميلا، لكنه كان قبيحا في جوهره، فأضحت مهمته مستحيلة. هذه الرواية على الرغم من قصرها ألا أنها عميقة جدًا بطابعها الإنساني ومحاولة فهم العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة والتضحية التي يقدمها الحبيب لأجل من يحب، وسبر غور ذاك الجمود الذي يعتري المرء في هذه الحياة عندما يقع آخر في غرامه. بطرس الذي يروي حكايته لمشترٍ أصابه الفضول لمعرفة حكاية هذا الرجل، يروي عائدًا بالزمن إلى الوراء محاطا بذكريات أو بقيود محبوبته التي لم تحبه، ما زال يرتشف الألم من كأس الحب المكسور، ليستمر نزيفه، ليستمر عذابه، ليستمر دمعه، وليستمر بحكاية العبودية التي لا تنتهي إلا بنهايته.
***
ولا تبدو قصتنا الأخيرة "أنشودة المقهى الحزين" لكارسون ماكالرز أقل شذوذا من سابقاتها، في قرية منعزلة في الجنوب الأمريكي، تعيش أميليا حياة عادية، ورتيبة حتى يظهر قريب لها، لتنقلب حياتها، وحياة القرية بأكملها التي ارتبطت بالمقهى الذي تم افتتاحه. تتغير حياة إميليا بعد ظهور قريبها الأحدب ذو المشيّة الغريبة، وتبدأ شيئًا فشيئًا رغم قساوة طبعها وجلافة صفاتها بالميل من هذا الأحدب لايمن وتقع في حبه. يتعود أهل القرية على قضاء أمسياتهم في مقهى إميليا، ويصبح قلب القرية النابض بالحياة والمرح والسمر. هذه الحياة لم تستمر طويلا فطليق إميليا مارفن ميسي تصبح له علاقة مع ابن الخالة لايمن ويسكن معهما في المقهى، لكن النهاية لهذا الحب في هذا المقهى يبدو هو الآخر تلفه الغرابة، والوحشة، وتعاسة الغارفين من نبعه، حتى يبدو أنه كاملٌ بتشوهاته ونقوصه. إذ يسرق الأحدب لايمن مع مارفن ميسي مقهى إميليا ويحطمان محتوياته، وتخسر إميليا مقهاها وحبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق