الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018

صنعة الرواية - بيرسي لوبوك.




بيرسي لوبوك، ناقد وكاتب مقال وسيرة، ولد في إنكلترا سنة ١٨٧٩، ويعتبر كتابه صنعة الرواية "The Craft Of Fiction" من أهم الدراسات النقدية في الرواية حين نشر عام ١٩٢٠، واستمر تأثير هذا الكتاب بعد نشره كيث تُرجم للعربية سنة ١٩٧٢ بواسطة الدكتور عبد الستار جواد. هذا الكتاب الموزع على ثمانية عشر فصلا، شمل دراسات لروايات عدد من الروائيين البارزين هم: تولستوي وروايته الحرب والسلم، وآنا كارينا، فلوبير وروايته مدام بوفاري، ديكنز وثاكري ومجموعة من رواياتهم، هنري جيمس ورواياته،السفراء وأجنحة الحمام وهاري ريشموند والسن المحرج، وبلزاك ومجموعة من رواياته. خصص لكل راوٍ من هؤلاء مواضيع معينة من رواياتهم كالشكل والزمن والعنصر الدرامي والأساليب، والمشهد التصويري والبانورامي في السرد وعرض القصص.
إن تعامل بيرسي لوبوك مع العناصر الفنية للرواية وتناوله لها بأسلوب شائق ومحترف جدا، والنقد الذي يسلطه على هذه الأعمال لمعرفة كيف تم بناء الرواية وصنعتها، وتفحص أسلوب كل راوٍ بطريقة تُشكل العمل من الصفر حتى الوصول إلى القمة، حيث التحليل وتفكيك المشهد الروائي يتم بالطول والعرض والتعمق من أجل ملامسة الأسس التي تم البناء عليها. ويبدو واضحا في أسلوبه النقدي، عملية نقل الرواية ومعالجة مشاهدها من خلال تسقيطها على المسرح ومسرحة الرواية Dramatization. وهذه الطريقة التي جعلت فهم المشهد التصويري أو البانورامي يبدو أكثر سهولة مما لو تم التعامل مع الحدث الروائية بالأسلوب المعتاد من خلال دراسة الحدث والشخصيات والأفعال والأفكار بطريقة تحليلية فقط. ويحتل العرض المشهدي والبانورامي حيزا كبيرا في الكتاب والفرق بين الأسلوب المشهدي والبانورامي، أن الأول يعمل على تبني أو الإيحاء للقارئ أنه يتبنى وجهة نظر معينة من خلال عرض الرواية من خلال شخصية وجهة نظر التي من خلالها يسرد ويتابع القارئ القصة حيث يكون (الراوي = الشخصية)، الآخر أسلوب السرد البانورامي ذو الزوايا المتعددة والكبيرة والتي تحتوي على جميع التفاصيل من بُعد معين يقف فيه الرواي وينقل المشاهد والأحداث كمصور، وفي أحيان كثيرة لا يخفي الراوي مهمته وآلة تصويره بل يُعلم القارئ فيها، ويوضح عمله ويشرك القارئ في رؤية المشهد وتصويره بقرب أو بعد، وهو بهذه المهمة تُتاح له مزية الاقتراب أو الابتعاد في تصوير المشهد حسب ما يراه ملائما في نقل الحدث. إذًا، فالفرق بين الأسلوبين يبدآن من دور الراوي هل هو سارد عليم أم هل هو شخصية داخل عمله الروائي، حيث من خلال اختيار دوره تُتاح له الإمكانية في اختيار أسلوب العرض الدرامي للأحداث.
إن النقد في هذا الكتاب كثير ما نحن بحاجة إليه من ناحية التعامل مع الرواية وكيفية نقدها إذ يقول: إن عملية النقد تسترعي قراءة بناءة للعمل الروائي وتتبع الأسلوب ودراسة الصيغ من أجل إعادة خلق للكُتّاب خلقا قويا، وأن هذا هو الاهتمام الوحيد للنقد اليوم. ويقول: لقد كان مؤلف الكتاب صانعا بارعا، وأن على الناقد أن يباغته وهو منهمك في عمله ويرى كيف تم صنع هذا الكتاب.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق