الخميس، 19 سبتمبر 2019

كتب إرشادية في الفلسفة.

دعونا نتفلسف - علي حسين.

عادة ما تجذبني الكتب التي تتناول حياة الأدباء والمفكرين ومؤلفاتهم وأدبهم وأفكارهم وما قدموه وأثّروا فيه وأبدعوه، فهي غالبا ما تمنحك خلاصة سنوات في سطور معدودات مع كونها مدخلا لحياة هذا الأديب أو المفكرة أو ذاك، فيوفر عليك الكاتب البحث والقراءة لعشرات الكتب ويمنحك إياها على طبق من ذهب، فهي تشبه وظيفة الطبّاخ ووظيفة الآكل، فأن تجد ما تأكله دون أن تجهد نفسك في طبخه لهي مهمة أسهل من تعب العمل، وكما يقول جلال الدين الرومي الطريق الذي تقطعه لوحدك في سنة تقطعه مع معلم في يوم، ومن هذا الباب تسحرني هذه الكتب وأجد متعة في قراءتها وإدمانا عليها عائدا إليها بين حين وآخر. 
وكتاب علي حسين هذا من الكتب التي تعطيك وتعرّفك وتدلك وترشدك في تناولها حياة وفلسفة خمسة وعشرين فيلسوفا ومفكرا، مسلطا الضوء على حياتهم وإسهاماتهم وأبرز ما قاموا به وأضافوه في مجال تخصصهم. 
الكتاب من نوع كتب المقالات من باب وكتاب إرشاد فلسفي من باب آخر، فهو مُعلِّم ومُرشِد، والقارئ موعود مع كل مقال برحلة شائقة في رحاب فيلسوف بارز في عصره، خارجا بكم كبير من المعلومات والمعرفة وخلاصة فكره وفلسفته، بأسلوب عرض لغوي ماتع أردفه بقوة بمعلومات ثانوية أو استطرادية من حياة مفكر أو أديب أو فيلسوف آخر كان للفيلسوف الذي تناولته المقالة التأثير أو التأثر بالشخصية التي استُطرد في الحديث عنها. ورغم قوة هذه النقطة في أسلوبه المقالاتي التي استمرت في جميع مقالات الكتاب تقريبا لكنها كانت في بعض المقالات سلبية إذ تأخذ القارئ بعيدا جدا عن الفيلسوف الذي خُصص له المقال وهذا الاستطراد المبالغ فيه أحيانا يقطع خيط الأفكار وينقله من الفلسفة إلى الأدب إلى التاريخ وهكذا تمزج حقول موضوعاتية متباينة مع بعضها، وكما ذكرت كانت أحيانا مدخلا ذكيا لمّاحا وأحيانا توحي بمدخل إلى  فيلسوف ما فتفاجئ بأن المقصود آخر. 
أما النقطة الإشكالية الأولى في هذا الكتاب كانت العنوان "دعونا نتفلسف" فالعنوان يوحي بأن الكتاب هو كتاب فلسفي، ومناهج فلسفية، ونقاشات في الفلسفية، في حين أن الكتاب هو إرشادي وعرضي لحياة الفلاسفة ومؤلفاتهم وأفكارهم، لذا كان من الممكن أن يكون عنوان الكتاب فلاسفة استطاعوا تغيير حياتنا كما يشير العنوان الثانوي "كيف استطاع ٢٥ مفكرا تغيير حياتنا" والإشكالية الأخرى هي في كلمة مفكر فهل الفلاسفة مفكرين أو أن المفكّر يختلف عن الفيلسوف ولم أكن لأتطرق لها لولا أن الكاتب يذكر في مقاله الأخير عن سارتر بأن سارتر بقي مصرا على أنه ليس فيلسوفا ويعتبر نفسه مفكرا!
هذه النقطة كانت بحاحة أما إلى تقديم يتحدث فيه الكاتب عن الفرق بين الفيلسوف والمفكر أو التعليق على إصرار سارتر على أنه مفكر لا غير، حتى يخرج القارئ برؤية واضحة عن الفرق بين الاثنين وإلى أي مدى يمكن أن يلتقيا. 

ينتهي كل مقال بعدة عناوين من إنتاجات الفلاسفة الذين اختارهم وعن تراجمهم الحياتية، وينهي الكتاب بقائمة من مئة كتاب يقترحها المؤلف عن كتب في الفلسفة، لذا فلا مناص لأي محب للفلسفة أو أراد البدء بمعرفة الفلسفة بديل أن يقرأ دليل الإرشاد الفلسفي هذا.

**

دروس في الفلسفة - يوسف كرم، إبراهيم مدكور.


يقدم كتاب دروس في الفلسفة وجبة فلسفية دسمة يتناول فيها تاريخ الفلسفة وأهم المذاهب الفلسفية منذ الإغريق مرورا بالفلسفة المسيحية والإسلامية وحتى القرن السابع عشر والثامن عشر مع الفلسفة الإنجليزية مع هوبز ولوك وبركلي وهيوم ومختتما الكتاب ببحث شامل عن إيمانويل كانت وفلسفته. 

هذا الكتاب الأكاديمي القيم مدخلا لكل من أراد البدء بالفلسفة، إذ يتبع منهجية عرض تفصيلي يسير وموجز دون إثقال أو استطراد موزعة في ثلاث مراحل الفلسفة القديمة وفيها يتتبع جذور نشأة الفلسفة وصولا إلى سقراط وأفلاطون وأرسطو ثم الفلسفة المتوسطة متمثلة في الفلسفتين المسيحية والإسلامية وأهم أعلامهما وفلسفتهم إلى الفلسفة الحديثة وعصر النهضة والإصلاح في أوروبا والمنهج التجريبي لبيكون وفلسفة ديكارت العقلية وأشهر الديكارتيين مختتما بكانت. 

لا يوجد الكثير لأقوله عن هذا الكتاب ولا تكفي قراءته لمرة واحدة فهو غني وشامل ما بين عرض لحياة فلاسفة تناولهم وطرح فلسفتهم ونقاشها، إضافة إلى هوامش رُدَّ فيها على أقوال المؤلفين زاد الكتاب غنًى في توسع طرحه وشمولية موضوعاته. 

**


عرض تاريخي للفلسفة والعلوم  - أ. وولف.

يستعرض وولف في هذه الرسالة موجز التطور الفلسفي والعلمي وأشهر أعلامهما منذ الحقبة التي سبقت عصر فلاسفة الإغريق المشاهير (سقراط وأفلاطون وأرسطو) وحتى نهاية القرن التاسع عشر والفلسفة الوضعية والنشوئية وما أسمهت به نظرية التطور من تقديم دفعة للعلوم جميعا إلى الأمام وما أدخلته البيولوجية التطورية من نزعة طبيعية في العلوم الاجتماعية والإنسانية وما له من فضل دراسة العلوم وفقا لأسلوب تطوري مقارن.

يقدم الكتاب موجز عن الأعلام في كل مجال فلسفي وعلمي وخلاصة فكره ومنهاجه مستعرضا التطور في الفلسفة والعلم والانتقالات المهمة وأبرز الانعطافات. الكتاب في عمومه إيجازي يسير وهو نافع للمبتدئين كونه موجزا ويقدم عرض مختصرا ولا ينفع القارئ أو الدارس المتخصص إلا في تثبيت معلومة أو معرفة لكني انتفعت منه لا سيما وأني لست ذا باع في الفلسفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق