تفخر كل أمة من الأمم بتاريخها وحضارتها وإنجازاتها وثقافتها ولغتها، وتعمل على نشرها وتعزيزها من أجل أن يتشرب الانتماء في نفوس أبنائها، وتعزز فيهم كل القيم من أجل غد مشرق، وأمتنا العربية كحال بقية الأمم، وهي في زمننا هذا تواجه سيول التعرية الثقافية والعقائدية واللغوية، فما على كل منا، من يهتم لأمر أمته أن يقوم ما تفرضه عليه واجبات الانتماء، ومن بينها اللغة، لغتنا العربية التي تواجه خطرا يهدد مصيرها ووجودها، ابتداءً من اللهجات التي تعتبر هي اللغات المحلية في كل بلد فنادرا ما نستخدم الفصحى في حياتنا العامة أو معاملاتنا أو تواصلنا مع الآخر، إلى عدم استخدام العربية الفصحى في كثير من المنصّات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، يُضاف إليه ضعف المناهج الخاصة باللغة العربية مع عدم وجود اهتمام بالناشئة وتعليمهم الإملاء الصحيح أو النحو أو الصرف، فتجد الطالب الجامعي يرتكب أخطاءً إملائية والكاتب يرتكب أخطاءً نحوية والشاعر يرتكب أخطاء صرفية.
وقد وقعت لي حادثة مع أحد الأشخاص الذي يبرر أخطاءه التي يقع بها وهو يكتب ويقوم بالنشر في مواقع التواصل، بأن هناك من سيقوم بالتدقيق اللغوي حين يقوم بنشر كتاب! فلماذا نريد أن نجعل من العربية الصحيحة لغة كتب فقط! لمَ لا تكون لغة حياتنا اليومية ولغة تواصلنا، لمَ لا تعيش العربية معنا وفينا ونعبّر بلغة سليمة من الخطأ واللحن والانحراف والرداءة.
يحضرني قول أحدهم: درسوهم النحو -يقصد الأبناء-. هرِّتوا أشداقاهم بالعربي؛ فإنه قادم لا محالة عليهم زمان يكون الناطق فيه بالعربية أندر من الكبريت الأحمر. زمان يُفاخر فيه العربية بلغة الغْرب في الأكل والشرب.
وأذكر أيضا ذاك الزمن الذي اضطَّر الموريسكيون (المستعجمون)- العرب الذين بقوا في غرناطة بعد سقوط سلطان المسلمين فيها على يد الملكين فرناندو وإيزابيلا- بعد أن تم التشديد عليهم بعد إنشاء ديوان التحقيق- محاكم التفتيش- إلى استخدام الحروف العربية في الكتابة العجمية، يكتبون الكلام العجمي بحروف عربية، لأجل أن يحافظوا على شيءٍ من هويتهم العربية للأجيال اللاحقة. وعلى سبيل الذكر كُتبت أسماء العلماء العرب بصيغة قشتالية فاسم ابن رُشد أصبح ابن رويس، ومنه انتقل اسم رويس إلى التداول لدى الأوروبيين. واليوم نرى بعض العرب يكتبون اللغة العربية بحروف إنجليزية، فنرى البون الشاسع ما بين الأمس واليوم.
يجب أن يعزز العربي انتماءه لأرضه وثقافته وحضارته ولغته، وهذا التعزيز يبدأ بتغيير الواقع اللغوي وتحسينه قدر المستطاع حتى لا يأتي يوم تكون العربية الفصيحة كحال اللاتينية اليوم، لا أخفي القارئ أن ما يدفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو ما قد مررت به، فرغم حبي للعربية، إلّا أني وصلت لمرحلة دراسية وسنيّة متقدمة وأنا أجهل بها الفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع، وأجهل قواعد الهمزة، كان الوضع مزريا، لكني كنت أرى نفسي أفضل كثيرا من غيري، فيا آسفي على هذا الواقع، كان لا بد أن أتخذ خطوة مهمة للثورة على هذا البؤس اللغوي الذي أرى نفسي مقيدا خلف قضبانه، فعملت لسنوات على البدء من جديد، تعلم العربية بحروفها وإملائها ونحوها وصرفها وعلومها، حتى أضحت العربية شغلي الشاغل، أستطيع القول أني بلغت مرحلة تُمكنني فيها أن أكتب عن تجربتي الخاصة مع العربية، ذاكرا أهم الكتب التي ساعدتني في تقوية لغتي العربية.
***
باسمك اللهم أبدأ: اللغة العربية تقوم على ثلاثة أسس مهمة يجب على كل عربي أن يتقنها، في الأقل أن يتقن المهم من هذه الأسس: الإملاء، والنحو، والصرف، وإن شاء بعدها تعمّق وكلما تعمّق في دراستها، تفتحت أمامه أبواب كثيرة، لا تُخفى صعوبتها لكنه سيجد بالاستمرارية والممارسة والكتابة، أنها تسهل شيئا فشيئا، ما دام أنه يتعلمها وحبه للغته هو دافعه، الكتب التي تتناول اللغة العربية وفروعها وعلومها، كثيرة لا تحصى، لكن ما يميزها أن فيها ما هو مخصص للمبتدئين وأُخر للمتقدمين، وأنصح بأن يبدأ كل منا بالكتب الخاصة بالمبتدئين مهما كان مستواه، إن كان في نيته إعادته بناء لغته، فالبدء بالكتب البسيطة يعزز الثقة بالنفس من خلال سرعة الفهم والتعلم، ويعطي دافعا من أجل الاستمرارية، ويُعطي انطباعا بأن لغتك رغم ضعفها ليست سيئة. لذلك ابدأ بالبسيط من الكتب ثم تقدم تصاعديا.
ولمن أراد أن يُتقن العربية فعليه أن يُكثر من تلاوة القرآن بتدبر وأن يعيش مع اللغة ويضبط مخارج الحروف ونطق الكلمات بالصورة الصحيحة، فالقرآن هو المصدر الموثوق الأول الذي يعتمد عليه علماء اللغة والنحاة، وأن يقرأ شعر العرب قبل الأسلام ومن أشهرهم شعراء المعلقات والشعراء العرب الذي شهد لهم التاريخ الشعري بالتمام الأدبي واللغوي والنحوي واستشهد بأبياتهم كل من كان في اللغة إمام زمانه وعالم عصره، وكذلك شعراء عصر الإسلام والأمويين والعباسيين وشعراء الأندلس، ودواوين الشعر كثيرة، فهي ليست فقط إحدى مصادر اللغة العربية، بل كذلك مليئة بحُسن البيان وجمال اللفظ وعذوبة المعاني ورقة الأوصاف وذكر لأيام العرب وحوادثهم، مما تغني العربي بثقافة جمّة وتثري ملكته اللغوية. وكذلك عليه أن يقرأ أدباء اللغة القدامى كالجاحظ واللاحقين من يشار لهم بالبنان كالرفاعي والمنفلوطي، وللمنفلوطي كتاب أدبي قيّم هو النظرات والعبرات، لا مناص من الاطلاع عليه وقراءته. فالكتاب بأفكاره وثرائه اللغوي، هو مستودع لكل باحث عن اللغة ومفرداتها. للقراءة أكثر عن الكتاب: https://goo.gl/Rx3xGo
***
الإملاء: أرى أن الإملاء لا يقبل التهاون فيه أبدًا، فهو أسهل الأسس التي تقوم عليه العربية، ولا يحتاج إلى جهد عظيم لإتقانه، فأهم ما فيه هو التفريق بين همزتي الوصل والقطع، وأحكام رسم الهمزة، وقواعد التنوين، والفرق بين الهاء والتاء المربوطة.
وكتب الإملاء التي أنصح بها هي: القسم الأول الذي يشمل طريقة رسم الحروف والكلمات:
وكتب الإملاء التي أنصح بها هي: القسم الأول الذي يشمل طريقة رسم الحروف والكلمات:
1- الإملاء الميسر - زهدي أبو خليل.
وفي هذا الكتاب عدة مواضيع منها: اللام الشمسية واللام القمرية. التنوين. التاء المقفلة والتاء المفتوحة. همزتا الوصل والقطع. الهمزة المتوسطة والمتطرفة. زيادة الألف بعد واو الجماعة. الألف اللينة في أواخر الأسماء والأفعال. الوصل والقطع.
2- قواعد الإملاء - مجلة الوعي الإسلامي.
وهذا الأصدار الخاص بقواعد الإملاء، مصمم بمخططات ملونة، مع جداول في آخر الصفحات عن علامات الترقيم.
3- قواعد الإملاء العربي بين النظرية والتطبيق - د. أحمد طاهر، ود. حسن شحاته.
المواضيع هي ذاتها الخاصة بقواعد الإملاء، كما في الكتابين السابقين، لكن في هذا الكتاب تفصيل أكثر وشروح أوسع، مع معجم في نهاية الكتاب خاص بكتابة الهمزة.
القسم الثاني يشمل قواعد الترقيم: ومن الكتب عن قواعد الترقيم ومواضع استخداماتها:
1- الترقيم وعلاماته في اللغة العربية - أحمد زكي.
3- قواعد الإملاء العربي بين النظرية والتطبيق - د. أحمد طاهر، ود. حسن شحاته.
المواضيع هي ذاتها الخاصة بقواعد الإملاء، كما في الكتابين السابقين، لكن في هذا الكتاب تفصيل أكثر وشروح أوسع، مع معجم في نهاية الكتاب خاص بكتابة الهمزة.
القسم الثاني يشمل قواعد الترقيم: ومن الكتب عن قواعد الترقيم ومواضع استخداماتها:
1- الترقيم وعلاماته في اللغة العربية - أحمد زكي.
2- في هذه المقالة كتبت عن قواعد استخدام علامات الترقيم، والأخطاء الشائعة وأهم علامات الترقيم المستخدمة: https://goo.gl/pFjuM7
***
علم النحو: وهو العلم الذي يبحث في أصول تكوين الجمل، وقواعد الإعراب، والنحو هو عماد العربية فمن أتقن النحو أتقن العربية. واتقان النحو يبدأ من اتقان الأساسيات كحالات الرفع والنصب والجر والجزم وحروفها وأدواتها وعلاماتها، وحالات الفعل ما بين المبني والمعرب، والمتعدي واللازم، والأسماء المبنية والضمائر والاسم الموصول والأسماء الجامدة والمشتقة والأساليب النحوية المختلفة: كالاستفهام والنفي والاستثناء والنداء والتعجب والتوكيد، والتوابع، والأعداد ومعدودها. كما ذكرت أفضل أن يتم البدء بالكتب التي تُبسط النحو قبل التعمق في تفاصيل كل موضوع في النحو، ومن الكتب التي أنصح بها:
1- قواعد اللغة العربية (النحو والصرف الميسر) د. عماد علي جمعة. في هذا الكتاب يتم شروح النحو والصرف بشكل مخططات من أجل تيسير دراستها وتبسيطها.
2- مخلص قواعد اللغة العربية - فؤاد نعمة. هذا الكتاب ذو أسلوب شائق وسلس وميسر لجميع المستويات، مقسم ما بين النحو والإملاء والصرف، مع ملحق لقرابة ألف فعل ذاكرا مضارعه ومصدره وبعض مشتقاته.
3- قواعد اللغة العربية - تأليف الأساتذة:
العلامة حنفي ناصف *** العلامة محمد دياب
فضيلة الشيخ مصطفى طموم *** محمود عمر
العلامة سلطان بك محمد
هذا الكتاب ذو مستوٍ أعلى، وهو خلاصة لقواعد النحو العربية المهمة في قسمه الأول، وخلاصة الصرف في قسمه الثاني، ومختصر عن علوم البلاغة الثلاثة في قسمه الأخير.
4- الإعراب الميسر في قواعد اللغة العربية - محمود يوسف خضر.
هذا الكتاب خاص بالإعراب، وشرح عن المرفوعات والمنصوبات والمجرورات والمجزومات، وعلامات الرفع والنصب والجر والجزم، مع أمثلة إعرابية وافية.
5- الموجز في قواعد اللغة العربية - سعيد الأفغاني.
في هذا الكتاب مباحث في الأفعال والأسماء والتوابع وبحوث متفرقة عن أسماء الأفعال والأصوات وحروف المعاني وغيرها.
6- متن الآجرومية لابن آجروم الصنهاجي. ومتن الآجرومية: يبدأ بتعريف الكلام ثم علامات الإعراب وبقية المواضيع، معرفًا إياها، وهو نبذة مختصرة وسريعة عن النحو، وهناك كتاب: التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية - محمد محي الدين عبد الحميد. يشرح فيه متن الآجرومية لمن أراد الاستزادة.
الجزء الثاني:https://mudawnatmumin.blogspot.com/2018/06/1.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق