كتاب تحليل نقدي وسيمائي وأدبي وفكري، لنص قصة صرازين* لرولان بارت، وهو من الكتب المهمة التي كتبها رولان بارت.
الكتاب قُسِّم إلى أحد وتسعين فصلا، كل فصل عُنون بمصطلح نقدي أو أدبي استخدمه رولان بارت كانطلاقة للدخول في تحليل قصة صرازين بعد أن قطعها إلى عُجامات (تقطيع النص القصصي حسب الجمل أو المقاطع الوصفية أو الحوارية أو السردية).
والتي أنصح كما نصح مترجم الكتاب بقراءة قصة صرازين أول الأمر قبل الشروع بقراءة التحليل النصي للقصة، حتى يكون المحتوى أقرب للفهم رغم صعوبته وتعمقه والذي يحتاج إلى نَفَس طويل وفهم لعديد المصطلحات الأدبية والفكرية والشروحات والتفسيرات للقصة.
وأنصح كذلك بالتركيز أثناء قراءة قصة صرازين لأن النقد والشرح والتحليل الذي يقوم به رولان بارت للقصة، يصدم القارئ الذي قرأ القصة بنوع من العُجالة والسرعة.
القصة تحوي على الكثير من الألغاز والترابط في متنها، لذلك لا بد من قراءتها والتمعن فيها ببطء وتركيز شديدين، فهي تفتح للقارئ أبواب مغلقة من الجمال الأدبي والصنعة المحترفة المتقنة، والمداخل الفلسفية التي قامت عليها وولجتها القصة. وقصة صرازين موجودة في ملحق الكتاب الأول.
الكتاب غني جدا بالهوامش، والتي أرى أن بعضها غير ذي حاجةٍ، لذلك على القارئ الذي يملك في ملكته الكثير من المعلومات والمعرفة الأدبية أن لا يتوقف كثيرا إلا لدى الهامش الضروري، حتى لا يضيع نسق القراءة أو يقطع تدفق الأفكار التي يشرحها رولان بارت.
قراءة هذا الكتاب بتمعن وتأنٍ أمر ممتعٍ جدا، ويفتح للقارئ رؤى وآفاق واسعة في قراءة النص الأدبي، بما يطرحه رولان بارت من شروحات وتفسيرات واستشكافات رمزية وسيمائية، والتي تترك القارئ في حيرة من أمره هل قصد بلزاك كل هذا في قصته؟ إلى أي مدى كانت عبقريته الأدبية قد وصلت من مستوى فذٍ أثناء الكتابة، وهل فعلا أراد كل هذا الذي أشار إليه رولان في كتابه، يُغامرني الشك بتصديق أن كل ما ورد في كتاب
س/ ز قد قصده بلزاك، لكن ما أنا مؤمن به أن كلاهما بلزاك وبارت كانا على شيء كبير من العظمة الأدبية.
*قصة سارازين (صرّازين) - بلزاك.
هي قصة للروائي الفرنسي أونوريه دي بلزاك، والتي صنفها المفكر والفيلسوف الفرنسي جورج بتاي من الأعمال الأدبية الكبرى.
تدور أحداث الرواية ما بين باريس وإيطاليا، حول النحات الفرنسي صرّازين -وللاسم معانٍ ودلالات مختلفة وتم استخدامه لوصف العرب في القرن الثامن- والذي يمر بمرحلة صعبة من حياته تضطره للسفر إلى إيطاليا ليقع هناك بحب مُغنيّة الأوبرا الزِّمبينلا، وليشغفه حبها حتى لا يكاد يطيق صبرا وليعترف له بحبها، وبعد يقع على حقيقتها الصادمة -والتي أتركها للقارئ لكي يعرفها- تودي بحياته إلى الموت. القصة لها أبعادها النفسية (السيكولوجية) ورمزيتها عن ماهية الحب والدوافع التي دفعت بطل القصة إلى الوقوع في حبائل عشقٍ غير سوي دون أن يدري. كانت هذه القصة حاضرة في مقالة موت المؤلف لرولان بارت التي اقتبس منها إحدى المقاطع السردية افتتح بها المقالة التي تم الحديث فيه عن مشاعر المرأة وغرائزها، والتي تساءل ر. بارت عن المتحدث أهو بطل القصة أم بلزاك الفرد وما يعرفه بفلسفته عن المرأة من تجاربه الشخصية أم هو بلزاك الروائي الذي يبشر بأفكار أدبية عن الأنوثة؟ أم تراه علم النفس الرومانسي، أم هي الحكمة الكونية؟ وليشرع بعدها في طرح أفكاره ونظرية موت المؤلف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق