ما هو هذا النظام؟
مع حلول سنة ٢٠٢٠ سيُطبق في جمهورية الصين الشعبية نظام اجتماعي لم يشهد له التاريخ شبيها -في الأقل على حد علمي- يُسمى "النظام الائتماني الاجتماعي" وعمل هذا النظام هو تقييم المواطنين والشركات والمكاتب الحكومية إعطاء نقاط لهم. وهو تطوير لنظام السمعة الوطني، والذي من خلاله يستطيع المواطنون تقييم بعضهم البعض.
*كنا قد قرأنا في رواية ١٩٨٤ لجورج أورويل شيئا شبيها لهذا لكن أن يكون واقعا فهذا أمر جديد.
الحكومة الصينية قالت بأن هذا النظام سيشمل جميع البلاد، ويبني ثقافة الإخلاص بين المواطنين.
كيف يعمل هذا النظام؟
النظام يقوم على أساس إعطاء النقاط على كل ما يقوم به المواطن Social credit Score. والنقاط يحصل عليها بناءً على ما تقوم به من تصرفات وأفعال سواء في العالم الحقيقي أو الافتراضي. ومعدل النقاط سيتراوح بين ٣٥٠ نقطة و٩٥٠ نقطة.
سجل النقاط الائتماني يعتمد على بيانات المواطنين ومصادر هذه البيانات منها:
١- مستوى أخلاقك العامة وتصرفاتك.
٢- ما تقوم بشرائه وبيعه.
٣- سجل ديونك.
٤- ما تقوم بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي وتشاركه وتعلق عليه وكذلك أصدقاؤك، ورسائلك الخاصة، والمواضيع التي تقرأها وتهتم بها.
٥- .سجل الصحة
٦- الوضع داخل الأسرة.
٧-.التسوق
٨- المدة التي تلعب فيها ألعاب الفديو أو تستخدم فيها مواقع التواصل الاجتماعي.
٩- سرعة دفع الضرائب.
١٠- أين تصرف مالك؟
وأمور غيرها يقوم بها المواطن في حياته اليومية، كلها تقوم الحكومة بتسجيلها من خلال سجل بياناتك، والأمر ممكن أن يتطور ويشمل أمور أخرى كم مرة تذهب إلى الحمام في اليوم، وكم مرة تمارس الجنس مع زوجتك في الاأسبوع، كم مرة تمارس العادة السرية، أي فريق ستشجع، أي موقع تستخدم؟
أكاد أتخيل أشياء كثيرة، كأن تُخصم نقاط منك إذا أكلت طعاما معينا، أو شاهدت فلما معينا، أو يجب عليك دفع من نقاطك لتحظى بهاتف جديد.
كيف يتم معرفة تصرفاتك وبياناتك لتسجيلها؟
تسجيل النقاط من خلال مراقبة بياناتك المرتبطة بنظام إلكتروني وظيفته العد والحساب والتجسيل وكذلك مراقبة تصرفاتك من خلال الكاميرا فالاحصائيات تُشير مراقبة ١٧٦ مليون صيني من المتوقع مضاعفة هذا الرقم ضعفين في سنة.٢٠٢٠
*فتخيل أن تكون كل حركاتك وسكناتك مراقبة بكاميرا لكي تُحسب لك أو عليك نُقاط.
جوائز وعقوبات؟
بالتأكيد الحكومة الصينية تقول أن أصحاب السجل النقطي العالي سيكافئون، وأصحاب السجل النقطي المنخفض سيُعاقبون. وما يهمنا مع هكذا نظام هو العقوبات لأنها الغاية المرمي لها.
العقوبات:
١- حظر السفر أو استخدام القطارات السريعة، وهذا تم فعلا فهناك تسعة مليون مواطن صيني ممنوع من السفر.
٢- الحد من سرعة الإنترنت. وهذا يعتمد على الوقت الذي تقضيه بلعب ألعاب الفديو، أو شراء الإلكتروني الخاص بألعابك أو نشر المعلومات والأخبار المزيفة عبر حساباتك في مواقع التواصل الاجتماعي.
٣- حظر أبنائك من الذهاب للمدارس الخاصة بالمتميزين أو المدارس الخاصة.
٤- حرمانك من الحصول على وظائف جيدة.
٥- حظرك من الحجز في الفنادق الممتازة. فكلما كان سجلك سيئًا، فإنك ممنوع من الحصول على غرفة في فندق ممتاز.
٦- يتم الإعلان عن اسمك بقائمة المواطنين السيئين
بعض هذه العقوبات قد تم تنفيذها فعلا، الصحفي ليو هو صاحب الثلاثة والأربعين عاما تم حظره من السفر وتسجيل اسمه في قائمة الأشخاص الكاذبين، بعد خسارته دعوى طعن سنة ٢٠١٥ طلب بها دفع الفاتورة لأنها كان مبالغ بها وفقا لقوانين المحكمة، وهناك سبعة مليون مواطن مسجلين في القائمة السوداء. ليو ممنوع كذلك من الإقامة بفندق مُقيّم بنجمة وشراء بيت وأخذ عطلة أو حتى إرسال ابنته ذات التسعة أعوام لمدرسة خاصة.
*أين جورج أورويل ليرى الأخ الكبير الجديد تشي جين بينغ.
الطريف أيضا أن البرلمان الصيني قد صوت منذ مدة على إلغاء قانون مدة حكم الرئيس، والذي يعني أن الرئيس تشي جين سيبقى رئيسا حتى يشاء الله.
كل هذا سيعمل على جعل الحكومة تُسيطر على المواطنين وبناء نظام ديستوبي وطني، وخلق طبقتين اجتماعيتين متفاوتين: طبقة غنية جدا وطبقة فقيرة جدا؛ ثُمَّ سيكون نظام الخدمة والعمل إجباري لا لكي تكسب نقاط كثيرة، بل لتكسب نقاط تضمن لكن أن تعيش يومك!
والموت سيكون عقوبة الخاسرين التي أتوقع إعلانها فيما بعد، خاصة وأننا نتحدث عن قرابة مليار ونصف مواطن، وتقليص عدد المواطنين أراه إحدى النتائج المحتملة لهكذا نظام، لتخفيف لضغط الزخم السُكاني والاقتصادي. هذا النظام الصيني المزعم تطبيقه بحلول سنة ٢٠٢٠ يُذكرني بالفلم الأمريكي "In Time" والذي تدور أحداثه في بلد جميع مواطنيه لديهم وقت معين للعيش، فالموطن أ مثلا لديه ٥٠ ساعة وهو مجبر على العمل لكي يزيد من ساعات عمره، والبيع والشراء والسكن والطعام كُلَّه يُحسب من ساعات عمره، في الوقت الذي على الطرف الآخر هناك مواطنون يمثلون الطبقة المترفة والغنية "بيئة الحكومة والسلطة" أعمارهم تبلغ ملايين مليارات السنين.
هذا سيجعل الصينيون كذلك مواطنون صالحون وآخرون طالحون، وما الذي يمنع من بيع النقاط أو سرقتها أو احتسابها فقط في حالة أديت عملا معينا، وإن رفضت سيكون الإقصاء والنفي مصيرك، مما يعني بناء بيئتين في كل الأحوال، بيئة الأغنياء وبيئة الفقراء، هذا الذي تبنأ به الرواة ولم يحلم به أفلاطون!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق