ثلاثية ميلان كونديرا عن الرواية.

(فن الرواية - الوصايا المغدورة - الستار) ميلان كونديرا.

ثلاثة كتب عن الفن الروائي تم جمعها في مجلد واحد بترجمة  السوري بدر الدين عرودكي،  لا يُمكنني تلخيص الكتب الثلاث بمقالة أو بقراءة واحدة، لكن بالإمكان إيراد الثيمة العامة لهذه الكتب، إذ أنها كُتبت وفي أغلب فصول هذه الكتب على شكل مقالات نقدية وقراءات أدبية لروايات وروائيين عالميين كان من أكثرهم حضورا سرفانتس وكافكا وبروخ، مع فصول وأقسام أفردها كونديرا لأعمالهم وأدبهم الروائي، وما تركوه من تأثيرات على الفن الروائي العالمي والحياة في أوروبا على وجه الخصوص. القراءات والمقالات لم تكن أدبية محضة فحسب، بل هي مستفيضة في الفلسفة وتتضح فيها اهتمام كونديرا بالفلسفة وأعلامها والتسقيط الفلسفي في فهم الروية والأبعاد الفنية والأدبية للرواية وكيفية قراءة الرواية وانسجامها مع الفنون والتاريخ والسياسة والحاضر والماضي. الكتاب يحوي أيضا على مقابلات مع كونديرا كما في الكتاب الأول فن الرواية، وفصل كامل قاموس خاص مكون من سبع وسبعين كلمة من كلمات كونديرا التي يستخدمها مع تعريف بمعاني هذه الكلمات التي يشتكي كونديرا من فهم بعض المترجمين الخاطئ لها وإحالة بعض الكلمات إلى معانٍ لم يقصدها. وفي الكتاب أقسام عديدة أو إحالات ضمن المقالات إلى عالم الموسيقى وأعلامها وحياتهم وتأثيراتهم في الموسيقى، نظرا لدراسة كونديرا الموسيقى والتحاقه بدروس تعلم الموسيقى منذ صغره وتأليفها فيما بعد، وهذا ما يجعله يدمج الموسيقى مع فن الرواية وخاصة في آلية التسريع والإبطاء في السرد والبوليفينية (تعدد الأصوات) أو في تنظيم الفصول متبعا النُظم الموسيقية التتابعية. وكذلك لا يخلو الكتاب من سرد قصص من حياة كونديرا ومذكراته تتضمنها المقالات والفصول في كتبه، وهي في أغلبها ذات طابع اجتماعي و سياسي، إذ لا يخفى على القارئ مغادرة كونيدرا بلده بوهيميا (تشيكوسلوفاكيا) كما يحب تسميتها وفقا لاسمها القديم وعدائه للنظم الشيوعية الشمولية القمعية واحتلال الاتحاد السوفيتي لبلده، لذلك كانت كثير من أجزاء المقالات تشمل السياسة وآرائه السياسية ورؤاه التحليلية الخاصة ببلده الأم بوهيميا أو أوروبا. لا يسعني القول إلا أن هذا الكتاب مليء بالأفكار والقراءات الفنية الروائية الدقيقة التي تحتاج إلى التوقف معها كثيرا وإعادة قراءتها أكثر من مرة حتى تتم الإفادة منها، ولا يعني أن الكتاب وما ورد فيه لا يخلو من العيوب أو تناقضات أو آراء متضاربة وازدواجية المعيارية خاصة في آرائه السياسية، لكن في العموم فهذه الكتب الثلاثة تحوي الكثير مما يجب الاطلاع عليه وقراءته أكثر من مرة بانتباه وفهم شامل لما ورد فيها.