الاثنين، 27 يوليو 2020

العودة إلى إيثاكا - الجزء الأول.

قراءة في أوديسة هوميروس. 



الملحمة الثانية للشاعر الإغريقي هوميروس التي يقص فيها رحلة عودة صاحب فكرة حصان طروادة الخشبي أوديسيوس ابن لايرتيس إلى موطنه في جزيرة إيثاكا وكيف تمددت الرحلة ذات الشهر الواحد إلى عشر سنوات كاملة تحمّل فيها ورفاقه شتّى صنوف المخاطر والأهوال في البحر قبل وبعد انتقام إله البحر بوسيدون. 

لا نملك معلومات كثيرة عن أصول الأوديسة أو زمن نظمها (أو حتى هل ثمة نوع التدوين استعان به هوميروس) أو هل هي فعلا لهوميروس. أسئلة عديدة تدور حول الأوديسة ولا تفرق كثيرًا عن تلك التي ما زالت مُثارة حول الإلياذة ويتفرَّق الدارسون لها على ملل ونِحل في تضارب وتعارض في الآراء. فمنهم من قال إنَّ شاعر الأوديسة مختلف عن شاعر الإلياذة، وإنَّ في الأوديسة إضافات كثيرة سواء في الأناشيد التليماكية (الأربعة الأولى) أو في النشيد الرابع والعشرين، إضافة إلى تغيَّر العادات الاجتماعية والطقوس التي استُدلَّ عليها مع تطور علم الآثار وتوسع إمكانيات البحث فيه، مما يجعل الأوديسة مادة خصبة للدراسة والمقارنة مع الحقب التاريخية التي ترد أو محاولة الربط مع كتابات اللاحقين لعصر هوميروس رغم أن عصره من العصور المظلمة التي لا يُعرف عنها إلا القليل القليل. وتؤدي كل هذه الاختلافات وقلة المصادر التي يمكن الرجوع إليها والاستناد عليها في إطلاق الأحكام إلى الأخذ بأن هذا العمل وسابقه هما لهوميروس والأساس في هذا هو الدراسات والأبحاث اللغوية والنقدية المبنية على ذات العمل، كالبحث الذي كتبه العالم الأمريكي Milman Parry ونشره في باريس باللغة الفرنسية في عام 1928 وتُرجم إلى الإنجليزية من قبل ابنه في عام 1971. عمل باري في البحث على دراسة الأوديسة لغويًا واكتشف أن هوميروس عمل على "إبداع" جملة من التراكيب والعبارات الوصفية لكي تلائم الأوزان الشعرية التي يكتب فيها وعمل حتى تغيير اسم أوديسيوس ولفظه بأنماط صوتية مختلفة لتحقيق التوازن والتناغم الشعري. وكذلك أثار باري العديد من الأسئلة من أهمها، كما يذكر بيرنارد كنوكس في تقديمه للأوديسة بالترجمة الإنجليزية لروبرت فاغليس، أن هوميروس قد يكون أو لا يكون إميًّا مثل سابقيه لكن في وقت ما قد دُوِّنت الإلياذة والأوديسة. لكن متى، ومِنْ قبل مَنْ، وما الغرض، وما الظروف التي كُتبت فيها؟ تبقى أسئلة بلا أجوبة. 

يلاحظ في الأوديسة اختلافات أسلوبية وبنيوية وموضوعية واجتماعية عن الإلياذة مثل زمن المادة المروية ما بين القصر في الإلياذة وبين التمدد الطويل في الأوديسة، ودور الآلهة ما بين الحضور الفاعل ذي التماس الكبير مع الفانيين وبين تقلص دور الآلهة بشكل كبير ويكاد يغيب لولا بعض التدخلات العلوية التي تتحكم بمصير أوديسيوس، والوجود الأنثوي ما بين شبه المنعدم في أحداث الإلياذة والحضور الشاخص للشخصيات الأنثوية ودورهن الفاعل في الحدث سواء بشرًا كنَّ أو إلاهات أو غير ذلك، والتنوع في مكان الحدث الأرضي فثمة أماكن متعددة في رحلة العودة وإيثاكا في الأوديسة في حين تقع الإلياذة فوق أرض طروادة فحسب، وتعدد مسارات الأحداث ففي الأوديسة لدينا (مسار رحلة عودة أوديسيوس، تيليماكوس والخطَّاب ورحلته للتقصي عن أخبار أبيه، بينيلوبي والخطَّاب) أما الإلياذة فهي تدور حول حرب وحصار طروادة فقط، وتعدد الشخصيات الرئيسة الموجِّهة للأحداث في الأوديسة (أوديسيوس وبينيلوبي وتيليماكوس) أما الإلياذة فهي عن غضبة آخيلوس وهي منظومة في مجده. وربما مصداق هذا الافتتاحية التي يطلب فيها الشاعر من ربة الشعر في الإلياذة أن تُحدِّثه عن غضبة آخيلوس، في حين يترك المجال مفتوحًا لها أن تُحدِّث من حيث تشاء. وهذا الطلب يفسِّر لنا كذلك البدء في الأناشيد التليماكية ثم العودة إلى أوديسيوس (حيث يتحرر من جزيرة الإلهة كاليبسو -اسمها يعني غطاء أو إخفاء- التي تحتجزه مدة سبع سنوات ثم يصل إلى جزيرة الفياكيين، حيث يقص عليهم فيها ما وقع له في السنوات التسع الماضية) ثم يلتقي مسار الحدثين في النشيد الثالث عشر فوق أرض إيثاكا بعد أن يصل أوديسيوس. فثمة هنا مساران زمنيان وعجلتا أحداث يجتمعان ليشكلا مسارًا زمنيًا وحدًا وعجلة أحداث واحدة. لكننا لا نرى هذا الأمر في الإلياذة التي تأخذ تقدما نحو الأمام في عجلة أحداث واحدة وإن بدأ الشاعر بروي الأحداث ابتداءً من السنة التاسعة لا الأولى ولم يتلاعب بالزمن ما بين الزمن الآني والزمن الاسترجاعي. 

تُثير هذه الاختلافات الأسلوبية الأسئلة المشككة حول شاعر الملحمتين فمثلا هناك من يشكك بوجود الأناشيد الأربعة الأولى وأنها جزء من الأوديسة. وعلى الرغم من كون هذا التشكيك ليس بمحله إذ البحث عن الذات عند تيليماكوس والمتمثلة في البحث عن أبيه جزء رئيس من العمل يتهاوى جزء كبير منه ويخرِّب العودة بالكامل لو لم توجد هذه الأناشيد  مما يجعل الملحمة فاقدة لتلك القوة العاطفية لشخصياتها  والتصوير النفسي لتليماكوس الذي يلعب دورا في الأحداث أو التآمر عليه أو علاقته بأمه التي لم تكن بالمثالية بعدما شبَّ وبدأ مرحلة البحث عن الذات والتوجيه والإشارد المتمثلة في أبيه ملك إيثاكا. يقدم روبرت كنوكس تفسيرًا لهذه البداية بالأناشيد التليماكية "في كونها تقديما مهما للعمل وتحضيرا لعودة البطل دون قطع التسلسل الزمني ومسار الحدث المتزامن مع عودته لو لم يقدم له هوميروس ويهيئ الأحداث التي تلي عودته لمستمعه، وبذلك فإن هذا الابتداء بالأناشيد التليماكية يعطي خلفية للمستمع بالحال التي تنتظر أوديسيوس في إيثاكا، إضافة إلى تقديم تيليماكوس وبينيلوبي والحالة النفسية لكليهما". ويكتمل تقديم الصورة الشاملة عن إيثاكا أو الاستباقية لما سيحدث من خلال ما تعرَّض له أوديسيوس في رحلة العودة، إذ يبتدئ الأمر بدعاء السيكلوب العملاق ذي العين الواحدة، بولوفيموس، ألا يعود أوديسيوس إلى موطنه إلا بعد أن يعاني، وبلا رفاقه، وعلى متن سفينة أجنبية، ويلاقي المحن في وطنه، ثم بنبوءة طيف العرّاف الضرير تايريسياس الطيبي الذي يلتقيه أوديسيوس في منزل الأموات (هاديس) ويحكي له ما سيجري في غيابه في إيثاكا من استنزاف الخطّاب لخيراته وشرب خمره ومغازلة زوجته وطلب يدها وما سيلاقيه من محنة هناك ثم يرشده لطريقة فكِّ لعنة بوسيدون الذي ينتقم منه بعد أن فقأ عين ابنه السيكلوب بولوفيموس مستجيبًا لدعائه. إذن فلدى المستمع/ القارئ معرفة مبدأية بحال إيثاكا من خلال التقديم لها عبر الأناشيد الأربعة الأولى وكذلك لدى أوديسيوس معرفة مبدأية عن حال الوضع في منزله وما ينتظره وأنَّ رحلته الشاقة لن تنتهي بمجرد أن يطأ سواحل إيثاكا بل إنَّ ما ينتظره لا يقل خطرًا عمَّا مرَّ به في رحلة العودة. كل هذا يجعل من الأناشيد الأربعة الأولى أصيلة وجزءًا من الأوديسة ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون مضافة إذا ما اقترنت مع محتوى الأناشيد اللاحقة. وقد يمكن أن يكون تسلسلها  في موقع آخر لا البداية إلا إن الشاعر سيواجه إشكاليتين: الأولى في قطع سلسلة أحداث عودة أوديسيوس  ثم تلو الأناشيد الأربعة ثم العودة مجددًا إلى سلسلة أحداث العودة، وهذا يعمل على تشتيت المتلقي لا سيما وأن المتلقي هنا مستمع وقد يجري الإنشاد للأوديسة على أوقات مختلفة لا مرة واحدة. والأخرى إنَّ الشاعر يفقد المزية الأسلوبية لجمع حدثين رئيسين منفصلان زمنيًا ومكانيًا- في زمن واحد ومكان واحد دون الإخلال في نقطة الالتقاء زمنيًا ومكانيًا التي ينطلقان إليها في وقت واحد تقريبا -(إذ يتزامن تحرر أوديسيوس من قبضة كاليبسو ثم عودته إلى إيثاكا مرورا بجزيرة الفياكيين [يروي لهم قصة عودته بأسلوب الاسترجاعية] مع ذروة الأحداث ما بين تيليماكوس والخطَّاب في إيثاكا التي يغادرها من أجل استقصاء الأخبار عن أبيه في الأناشيد الأربعة ثم عودته إليها في النشيد السادس عشر)- لو لم يستهل الملحمة بالأناشيد الأربعة إذ سيتوجب عليه إيقاف الزمن وأوديسيوس في إيثاكا ثم تلو الأناشيد التيليماكية، ليعود الشاعر بعدها إلى  أوديسيوس ولقائه مع ابنه في إيثاكا. ثمة في الإشكالية الثانية عقبة ستشوش المستمع والقارئ وحتى الشاعر نفسه إذ عليه أن يتعامل مع حدثين منفصلين زمنيا في مكان واحد فمن غير المستساغ أن يعود أوديسيوس إلى إيثاكا ليوقف الشاعر زمن الأحداث في إيثاكا ثم يعود إلى أحداث ما قبل وصول أوديسيوس في إيثاكا  لا سيما أننا نعرف أنَّ الغرض الرئيس هو عودة أوديسيوس إلى إيثاكا. لذلك فإن الأناشيد التي تخص أوديسيوس متسلسلة عكس لو قطعت بالحديث عن تيليماكوس ثم الالتقاء بين الاثنين والانتقام من الخطَّاب سيبدو أن أحداث ما بعد العودة متعلقة بتيليماكوس أكثر من ارتباطها بأوديسيوس إذ سيبقى حضور الابن مستمرًا عكس حضور الأب الذي تتمحور حوله الملحمة. ويوضح هذان المخططان ما سيقع لو افترضنا روي الأناشيد الأربعة الأولى بعد وصول أوديسيوس إلى إيثاكا: 


مخطط الأحداث مكانًا وزمنًا كما رتبها هوميروس. 


مخطط مفترض للأحداث زمانًا ومكانًا، والذي سيفقده هوميروس لو لم يبتدئ بالأناشيد التيليماكية  


من الإضافات الأخرى التي تُثار حول الأوديسة أنَّ النشيد الرابع والعشرين مضاف إليها كما يكتب أمين سلامة "هي ختام الأوديسة وهي أنشودة ضعيفة وأغلب الظن أنها أضيفت إلى الأوديسة…" لكن هذا الرأي لا يُمكن الأخذ به كليا وإن كان الجزء الأول منه الخاص بمشاهد وحوارات من منزل الأموات (هاديس) تبدو خارج موضوعات وسياقات الأوديسة،  ولقاء أجاممنون بأشباح الخطَّاب الذين قتلهم أوديسيوس في ساحة منزله انتقاما منهم على ما فعلوه في غيابه. وقد يُقبل هذا الرأي جزئيا في كون الجزء الأول من النشيد مضافًا لا سيما وأنَّ فيه تعارضًا مع الإلياذة فيما يخص دفن الجثث وعبور نهر ستيكس إلى العالم السفلي، ويذكر روبرت كنوكس أنَّ طيف باتروكلوس جاء إلى آخيلوس وطلب منه حرق جثمانه حتى يتمكن من العبور إلى منزل الأموات وهذا يتعارض مع عبور إلپينور صديق أوديسيوس إلى منزل الأموات ولمَّا تُدفن جثته بعد حين التقى أوديسيوس بشبح صديقه في هاديس بعد رحلته من أجل لقاء العرَّاف الضرير تايريسياس، وطلب شبح إلپينور من صديقه أن يعود ويدفن جثَّته التي تركوها في جزيرة سيرسي، وكذلك في عبور أشباح الخطَّاب إلى منزل الأموات وجثثهم ما زالت مكومة خارج منزل أوديسيوس لم تدفن. وهنا كما يذكر روبرت ثمة فرق بين التصوير لهذا العالم مما يشك بصحة نسب هذا الجزء من النشيد الرابع والعشرين إلى الأوديسة أو حتى الأوديسة إلى هوميروس أو أن الأمر يعتمد على تطوِّر التصورات الاعتقادية عن عالم الأموات ولا سيما أن هذه الملحمة نُظمت بعد الإلياذة كما يُرجَّح. لكننا نواجه إشكالية فيما يخص هذا الجزء المتعلِّق بمنزل الأموات، وتتمثل الإشكالية في مدح شبح أجاممنون لزوجة أوديسيوس بعد أن يلتقي أشباح الخطَّاب حين تصل إلى منزل الأموات يتقدمهم رسول الآلهة هرمس، إذ كان أجاممنون حين التقى أوديسيوس في هاديس قد حكى له كيف تآمرت عليه زوجته كليتمنسترا وعشيقها إيجيسثوس ونحروه كما تنحر الخِراف وحذَّره من زوجته التي قد تفعل مثل فعلة كليتمنسترا. وبعدما يخبره شبح أمفيميدون بقصِّة الخطّاب كاملة وكيف خدعتهم بينيلوبي بذريعة النسج على المنول ثم انتقام أوديسيوس منهم؛ تزداد أحزان أجاممنون على حاله فيمدح بينيلوبي ليبدو هذا المديح كأنه اعتذار عن سوء الظن في البداية الذي بدر منها بحقها بحقها. فإن كان هذا الجزء مضافًا فإن الذي أضافه قد درس نشيد منزل الأموات بشكل متقن مما جعل الإضافة المتعلقة بالخطّاب مترابطة موضوعيًا ودفاعًا وثناءً على بينيلوبي.    

 أما الجزء الثاني من النشيد الرابع والعشرين لا يمكن أن يكون مضافًا إلى الأوديسة وذلك لسببين مهمين: 

- الأول متمثل في لقاء أوديسيوس بأبيه وهو لقاء ضروري بل وكما يشير كنوكس ثالث أهم لقاء بعد العودة إلى إيثاكا إذ يسبقه لقائي تيليماكوس وبينيلوبي، وما تحكيه أم أوديسيوس عند لقائها بابنها في هاديس وكيف ساءت حال والده وانعزل عن الجميع. إذ يصبح هذا اللقاء ضروريًا وإلا فثمة شيء ناقص سيبقى دون أن تُسدَّ فجوته. 


- الثاني متمثل في ردة فعل ذوي الخطَّاب بعد أن يشيع خبر قتل أوديسيوس لهم ونقرأ في النشيد الثالث عشر بعد أن عرضت أثنيا خطة الانتقام؛ تفكيرَ أوديسيوس بحال ذوي الخطَّاب وكيف له أن يواجههم وحده، لتبرز له معضلة مرحلة "ما بعد المذبحة" التي تتدخل فيها أثينا وتُحلُّ السلامَ في إيثاكا. ويشير كنوكس هنا إلى ضرورة ختم الأحداث دون ترك أي حدث دون نهاية وإلا فثمة شيء ناقص سيبقى دون أن تُسدَّ فجوته.


لا يخفى على القارئ التشابهات والاختلافات الموضوعية والفنية والأسلوبية ما بين الإلياذة والأوديسة، وأرى أنَّ ملحمة الأوديسة متطورة وناضجة فنيًا وأسلوبيًا أكثر من الإلياذة وغنية بمواضيعها الرئيسة المتنوعة أكثر. وقد يتسنى لي المقارنة والحديث مفصلًا ما بين الملحمتين في مقام آخر.  







تيليماكوس يبحث عن أبيه 

(البحث عن الذات) 


تبتدئ الأناشيد الأربعة الأولى من الأوديسة أو كما تُسمى الأناشيد التيليماكية بالحديث عن تيليماكوس ابن أوديسيوس الذي يبلغ ويبدأ بالبحث عن أبيه لكنه في الحقيقة بحثٌ عن الذات أكثر من البحث عن أبيه، إذ بحثه عن ذاته ومعرفة الدرب الذي يجب عليه أن يسلكه ابن الملك الغائب عن وطنه يُغلِّفُهُ السؤال عن أبيه. هذا السؤال الذي يبدأ تيليماكوس بطرحه بصيغة "ابن من أنا؟" لكنه ليس سؤال شكِّ بأمه لكن سؤال البحث عن التأكيد والوثوقية في النسب التي ستبقى مجهولة حتى يظهر أبيه حقًا قُبالة ناظريه، أما القول إنه ابن ملك إيثاكا أوديسيوس الغائب لا يستطيع تقبُّله، فكلما تقدَّم به السن ازداد شكّه بنفسه وأصبحَ البحث عن الذات ضرورة ملحَّة لا يمكن أن يتماشى معها دون الوقوف على مصير أبيه المجهول. يُقدم لنا هوميروس هذا الجو النفساني والتصوير الخارجي لسلوكيات تيليماكوس راسمًا صورة كاملة جوانيًّا وظاهريًا لأحد الركائز الرئيسة الثلاثة في العمل، فهو الابن الضال للمحارب القديم الذي مخرت سفينته مع رفاقه قبل عشرين عامًا تلبية لطلب الملك أجاممنون وإعادة الهاربة هيلين زوجة ملك إسبارطة مينيلاوس. ينشأ الابن على أمجاد أبيه فيكرم الإيثاكيون وفادته لا سيما بعد أن تنتهي حرب طروادة ويعود الآخيون إلى بلادهم حاملين معهم خبر مجد صاحب فكرة حصان طروادة الذي دمَّر الآخيون عبره المدينة ذات الأبراج الحصينة وسلبوا ذهبها ونهبوها عن بكرة أبيها قبل إحراقها. لكن هذا المجد يزيد من تشتت الذات التيليماكية ويقع بين حجري رحى "هل يعيش حياته على أمجاد أبيه أوديسيوس، وأن يكون ابن أوديسيوس فحسب؟ أم هل يعيش حياته في كونه تيليماكوس قبل أن يكون تيليماكوس ابن أوديسيوس؟" توضِّح الأوديسة ضمنيًا أنه يختار الخيار الثاني في أن يكون تيليماكوس ويتمثل هذا الاختيار في علاقته مع أمه التي تبدو أنها سيئة نوعا ما بل أنه لا يفهمها كذلك فيعاملها بنوع من القسوة لا سيما فيما يخص أسلوب تعاملها مع الخطَّاب الذين يحتلون بيته "في غياب المالك الأب" وينهبون خيراته ويذبحون ماشيته ويغازلون أمه طالبين يدها للزواج. يحاول في ظل هذه الظروف التي هي حجر الاختبار الحقيقي الذي تُحكُّ فوقه ذاتُ تيليماكوس- أن يواجه الخطَّاب بكلام مفاده أنه ربُّ البيت ومالكه وعليهم أن يطيعوا أمره وينهوا هذا الاحتلال لمنزله لكنهم يواجهونه بالسخرية والضحك لحداثة سنه وكثرة عددهم فهو لا يستطيع مواجهتهم وحده. ونرى من السلوكيات الأخرى أنه ينهر أمه حين تخرج للحديث مع الخطَّاب ويطلب منها العودة إلى غرفتها وعملها فهو رجل البيت ولا حديث للنساء ما دام الرجال حاضرين. يرى تيليماكوس نفسه رجل البيت والسيد المطاع في بيت أبيه الغائب، ويريد إثبات نفسه في بيته لكن هذا الإثبات متعلق بالشطر الأول من السؤال هل يعيش على أمجاد أبيه؟ لا يريد تيليماكوس العيش على أمجاد أبيه وحدها بل يريدها مزية تضاف إلى حفيد لايرتيس وابن أوديسيوس لذا فإن الخطوة الأولى لإزاحة هذا الثقل ذي المجد الأوديسيوسي عن كاهليه هو الذهاب إلى الملوك المحاربين في طروادة والسؤال عن مصير أبيه. تتدخل الإلهة أثينا في هذا الأمر وتنصحه متجسِّدة بشخصية البطل مينتور بالذهاب إلى بولوس حيث الملك الآخي الشهير نسطور والذي حارب في طروادة ثم الذهاب إلى لاكيدايمون للقاء الملك مينيلاوس لكونه آخر العائدين من طروادة والتقصي عن أخبار أبيه. 

ثمة أمران بعد ذهابه إلى زيارة الملكين يعززان ذاته التي يبحث عنها: يتمثل الأول في إكرام الملكين له وتحميله بالهدايا الثمينة ويتوسمان فيه سمات الملوك قبل معرفته فيكرمونه ويزيد الكرم والوفادة بمعرفتهم هويته، ويتمثل الآخر في الخبر الذي يعرفه تيليماكوس عن أبيه إذ يخبره مينيلاوس عن طريق عجوز البحر أن أوديسيوس محجوز في جزيرة كاليبسو راغبًا بالعودة لكنها تمنعه ويفكر كل يوم بالعودة إلى الوطن إيثاكا باكيًا وحزينًا. يهطل الأمل بعودة أبيه على ذات تيليماكوس، لتصبح مسألة الأمل بعودة الغائب جزءًا رئيسًا في تعزيز ذاته الآن بعد أن كانت تزيد شكه وحيرته. إذن فالأب عند تيليماكوس هو الذات، هما وجهان لعملة واحدة، فإما أن يتخلص من قيود مجد أبيه وإما أن يعود أبيه ويتأكد من نسبه ويعرف ذاته فعلًا أنه ابن الملك أوديسيوس مدمّر المدن وناهبها وملك إيثاكا. 

تعود أثينا لتتدخل فتجيئه في المنام وتحثّه على العودة عاجلًا إلى إيثاكا فأوديسيوس سيعود قريبًا، يُسرع تيليماكوس بالإبحار راجعًا إلى إيثاكا وهناك في مأوى راعي الخنازير يومايوس يلتقي بأوديسيوس المتخفي الذي يُكشف له بفضل أثينا عن هُويته، ليلتقي الابن الضال بأبيه المنفي العائد إلى تربة إيثاكا. يدعم هذا اللقاء الذات التيليماكية ويبدأ تيليماكوس بمرحلة جديدة، مرحلة الرجولة والبطولة التي كانت متوقفة على عودة أبيه أو طوي صفحته. يشرع بعدها الأب وابنه في التخطيط للانتقام من الخطَّاب الذين دنَّسوا منزله وأهانوا شرفه ملكًا ورجلًا فكان تيليماكوس أحد الأربعة الذين قضوا على الخطَّاب الذين بلغ عددهم ثمانية عشر ومئة رجلا ومن ضمنهم الخدم، وبهذا يبدأ تيليماكوس الذي بلغ العشرين من عمره مرحلة الرجولة بحدث مهم ومفصلي في حياته متمثلًا بالانتقام ممن سخروا منه وهزأوا ضاحكين منه وطلبوا يد أمه في عقر داره آكلين شاربين من خيراته وخيرات أبيه. وثمة موقفان يؤكدان أن تيليماكوس قد بدأ هذه المرحلة التي ستشكل الأساس الانطلاقي في حياته: 

- حين يشفع للمنشد فيموس وكذلك النذير ميدون اللذين كانا مع الخطَّاب مُكرَهين. هذه الشفاعة التي ينالانها من تيليماكوس ليعفو عنها أوديسيوس من الموت المحتَّم على جميع من في ساحة البيت تدل على مكانة تيليماكوس الآن عند أبيه وكذلك على ثقة الأب بابنه فحين قال إنهما لم يسيآ إليه ولا يستحقان الموت؛ يستجيب الأب لقول ابنه، ويوجه الخطاب للنذير (ترجمتي عن الإنجليزية):

تشجََّع! 

الأمير من أنجاك من هذه المعمعة، 

وأنقذك الآن، فخذ الأمر بقوة  

وأخبر الرجل الآخر: 

إنَّ فعلَ الخيرات يبزُّ المنكرات       22:400


- حين يجتمع ذوي الخطَّاب في نهاية الملحمة ويريدون الانتقام من أوديسيوس الذي كان عند أبيه فيتأهب أوديسيوس وابنه وأبيه ومن معهم لقتالهم؛ يوجِّه أوديسيوس الخطاب لابنه (ترجمتي عن الإنجليزية): 


["تيليماكوس، 

ستتعلم قريبًا بما فيه الكفاية، 

عندما تتقدم إلى القتال- 

الموضع الذي تتوق الأبطال فيه إثباتَ أنهم أفضل،

فلا تُخزينَّ والدك من جانبك لحظة، 

في شجاعة الوغى التي برعنا فيها لعصور

عبر كل العالم"

تيليماكوس يطمِّنُ نفسه


"سترى الآن، إن كنت مهتما بالمراقبة يا أبي، 

إنني أتقدُ حماسًا الآن، خزيٌّ، تقول؟

لن أخزينَّك من جانبي!"]       24:560 


يوضح هذا الخطاب الأبوي والاستجابة البُنُوَّيّة  عن حلف جديد لكنه حلف الأبطال المقاتلين في ساحة الوغى. وعلى الرغم من أنه الاختبار الثاني بعد وقعة المذبحة فإنَّ أوديسيوس كان يعرف في الأولى وقوف الآلهة ونصرتهم له لكن في الوقعة الثانية ثمَّة أعداد كبيرة ونصر الآلهة قد لا يكون حاضرًا كما في الأولى لذا فقد أراد التأكيد على رفيق القتال الجديد وبثَّ الحماس فيه واستفزاز شجاعته ليخرج أفضل ما عنده أو قد يكون محض تشجيع الأب لابنه!  



بينيلوبي الزوجة الوفية 


الشخصية الرئيسة الثانية في العمل هي بينيلوبي، زوجة الملك الغائب، التي بقيت تنتظر زوجها عشرين عامًا. مثَّلت بينيلوبي كما سيخطر في ذهن القارئ أولا الزوجة المخلصة لزوجها، والمرأة الآخية الشريفة إذا ما قُوبلت بكليمتسترا زوجة أجاممنون أو هيلين زوجة مينيلاوس، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا انتظرت بينيلوبي أوديسيوس كل هذا المدة تعيش على أحزانها متآكلة ذاتها بالدموع والأسى وانتظار الغائب علَّه يعود هذا الانتظار الذي لطوله تحولت فيه العودة إلى أمنية مُستحيلة الوقوع، فما من أوديسيوس حيّ ولا أمل بعودته أبدًا؟ تفقد بينيلوبي الأمل شيئًا فشيئًا وحين عاد أوديسيوس كانت أكثر ذويه شكًا بهويته الحقيقية ولم تستطع وهي الأكثر حزنًا ولوعةً على غيابه أن تصدق أنه عاد، فعودته أكبر من قدرتها على التصديق. ما الذي أخضع بينيلوبي لانتظار أوديسيوس؟ هذا ما يمكن أن يُفسَّر بدايةً أنها ليست زوجة رجل عادي بل زوجة ملك إيثاكا فالانتظار مفروض أكثر مما هو خيار متاح بيديها تقبل به أو ترفضه. وعلى الرغم من أنَّ هوميروس يركز على حبها له وإخلاصها لكونها زوجته وأن دافع الانتظار هو حبها فإن أكثر ما يبدو دافعًا له هو خلق شخصية مثالية شبيهة بالآلهة مجسِّدة للإخلاص والفضيلة والزوجة الصابرة أكثر من كونها امرأة حقيقية. وحتى لا يطغى على شخصها صفة المثالية اللا معقولة بعيشها متفانية في أحزانها ومكرِّسة وقتها وحياتها في انتظار المجهول فحسب فقد وضع هوميروس شرطًا لإنهاء هذا الرابط بينها وأوديسيوس الذي يطلب منها قبل الرحيل إلى طروادة أنه إذا تأخَّر بعودته كثيرًا ونبتت لحية ابنه فلها أن تتزوج من يعجبها من الرجال.

تبتدئ الملحمة بالحديث عن الأحداث التي سبقت عودة أوديسيوس بقليل لذلك فنحن لا نعرف الكثير عن حياة بينيلوبي في السنوات العشرين الماضية إلا ما يرد في متن الأحداث، مما يجعلها أكثر الشخصيات غموضًا. يُبرزُ هوميروس لنا من شخصية بينيلوبي المرأة الحصيفة والحذِرة والحكيمة وأشهر الإيثاكيات ومن أشهر الآخيات قاطبة- ذاك الجزء المرتبط بحبها وحزنها وانتظارها لزوجها الغائب لكن لا يرد ما فيه الكفاية عن هذا الجزء بل ويزيد على ذلك تصوير الأناشيد التليمياكية ضعفها قُبالة ابنها وحتى قُبالة الخطَّاب إذ تطلب قبل إعلانها للمسابقة أن تحضر معها وصيفتاها لأنها لا تستطيع فعلها وحدها. إذن فبينيلوبي تسير بخطًى وئيدة نحو أفول نجمها في سماء الانتظار في منزل زوجها (ومنزل ابنها في غيابه)، وليس لها سطوة على ابنها أو سلطة وكما يبدو واضحًا جرأة تيليماكوس عليها وضعف حضورها وشخصيتها أمامه ودومًا ما استجابت لأوامر ابنها فيما يتعلق بالخطَّاب حين يطلب منها العودة إلى وغرفتها والانشغال بأعمالها. إنَّ الانتظار لأوديسيوس طغى عليها فأنساها نفسها وأنساها ابنها لتغدو كتلة من الانتظار الحزين فتقطَّعت علاقتها بمحيطها فهي مجرد خيال زوجة وذكرى أم، وطيف امرأة تحاول بكل جهد أن تثني وتؤخر زواجها الجديد من أحد الخطَّاب الذين تجمَّعوا في منزل زوجها. لكنها وتحت إصرار ذويها وابنها تخضع في السنة الأخيرة لهذه الضغوط وتقرر الموافقة بعد كل الممانعات والصد الذي ابتدأ أولًا بحيلة نسج ثوبٍ على المنول لأجل اليوم الذي يموت فيه والد زوجها العجوز لايرتيس، وجعلت من وقت نهاية النسج موعدًا لزواجها من أحدهم. استمرَّت خلال ثلاث سنوات كاملة تنسج نهارًا وتفك نسجها ليلًا قبل أن تدلَّ إحدى خادماتها الخطّاب على حيلتها ولم يبقَ أمامها خيار إلا مواجهة الأمر الواقع. هذا الواقع الذي تواجهه الآن بينيلوبي هو الواقع الذي كانت تتهرب منه لسنوات، إذ بتقدم السنين وعدم عودة أوديسيوس يزداد يقينها بهذا القدر المحتوم المتمثل بخروجها من المنزل الذي زُفَّت فيه وتركها للدار التي تضم غرفة عرسها وسرير الزوجيّة. هل كانت بينيلوبي ترفض الزواج وتؤخره لأنها تحب زوجها أو ثمة أسباب أخرى لا تريد الإفصاح عنها؟ هل رفضها الزواج والخروج من المنزل هو صورة من العودة إلى الوطن الأودسيوسيّة، وصورة من البحث عن الذات التيليماكية؟ 

لا بدَّ من الإشارة إلى الفكرة بكون بينيلوبي انتظرت زوجها بدافع الإخلاص والحب فحسب تبدو غير مقنعة فثمة علاقة نشأت بينها وبين بيت أوديسيوس حيث عاشت، إذ أضحى هو وطنها الذي لا تريد أن تبارحه ولا مفارقة حياتها فيه. فإن كان أوديسيوس يخوض في البحار ويواجه المصاعب من أجل العودة إلى وطنه فإن بينيلوبي تخوض صراعًا في مواجهة الخطَّاب لكيلا تترك وطنها، فهذا البيت هو وطنها وحياتها متعلقة بالانتظار و الآمال التي تخبو شعلتها باستمرار. إضافة إلى ذلك فإنَّ بينيلوبي لا تعرف هُوية لها غير هُويتها المرتبطة بأوديسيوس زوجة الملك الضائع والغائب لسنوات طوال، فهي الأخرى تعيش على أمجاد زوجها لكنها  لا تبحث عن هويتها في زوجها عكس تيليماكوس الباحث فيه عن ذاته، وهي متأكدة من أنَّ ذاتها موجودة في هذا الزواج المعلَّق أو ذكرى الزواج الغابر المرتبط بهذا البيت. لذا فإن رفضها للزواج ومغادرة البيت هو رفض للتشتت الهُوياتي والاستقرار النفسي الذي عرفته هنا. تجتمع في شخصية الأم قضية الأب في العودة إلى الوطن وقضية الابن في البحث عن الذات، فشطر من بينيلوبي يُمثِّل رغبة أوديسيوس بالعودة إلى الانتماء في حين تكدح جاهدة في المحافظة على الانتماء، وشطر منها يُمثل سعي تيليماكوس بإيجاد الذات في حين تكدح جاهدة في المحافظة على الذات. نستخلص من ذلك أنَّ جهود بينيلوبي هي جهود تتمحور حول الأنا لا الآخر، وساء كانت واعية أو غير واعية فهي تقاسي لأجلها وتحزن على نفسها وما الانتظار والحزن وتحمل غلاظة ووقاحة الخطَّاب إلا محرِّكات يُحفِّزنها على إلبقاء حيَّة ذهنيًا وجسديًا. 

تتشكل هذه الهُوية البديلة عن هُويتها الأصلية المرتبطة بشخص أوديسيوس زوجها لكنها تبقى في توقٍ دائمٍ وحزن إلى هُويتها الأصلية التي تنتظر عودتها بعودة زوجها، ونرى ذلك في إكرامها للمتسول المشرَّد (أوديسيوس المتخفِّي) وقولها له إنه سيكون أقرب أصدقائها فقط لأنه حكى لها عن أوديسيوس ووقف معها ضد الخطّاب. يتضح لنا من هذا التكريم والتقريب قيمة أوديسيوس في نظرها زوجًا وهُويةً بينيلوبية. لكن طول الانتظار والحزن جعل من فكرة عودة أوديسيوس/ الهوية الأصل مستحيلة على التصديق لذا فحين تحدث المذبحة في ساحة بيتها وهي نائمة ويجتمع بها أوديسيوس بعدها فإنها تقابله بنوعٍ من الجفاء والقسوة حتى يعيب عليها تيليماكوس معاتبًا بقوله هل هكذا تستقبل امرأةٌ زوجها الغائب لسنوات، إنَّ قلبك أقسى من الصخر. هذا ما يراه تيليماكوس من تأخر أمه في استقبال أبيه بالطريقة التي يستحقها والواجبة عليها لكن السبب في هذا يكمن في سمات بينيلوبي الشخصية كالحذر والحكمة والتأني والصبر والحِلم والفِطنة فليس كل من قال أنا أوديسيوس ستصدقه لا سيما بعد حادثة الخطَّاب، والسبب الآخر يتمثل في الاستبدال الهُوياتي الذي سيتغير مجددًا بعودتها إلى هويتها الأصلية، هوية بينيلوبي أوديسيوس بدلا من هوية بينيلوبي ما بعد أوديسيوس التي بقيت فيها وتطورت معها مدة عشرين سنة من غياب الأخير. تطلب بينيلوبي من أوديسيوس برهانًا صادقًا وعلامة تتمثل في سر زوجية لا يعرفه سواهما فتوقع أوديسيوس في الاختبار بطريقة مستفزِّة حين تطلب من خادمتها نقل سرير الزوجية من غرفتها إلى الخارج لينام عليه أوديسيوس الذي يردِّ مستنكرًا قولها إذ السرير راسخ في الأرض لا يتزحزح، صنعه أوديسيوس ونحته من شجرة الزيتون في الغرفة،  ثم يشرع بعدها في ذكر تاريخ صناعة هذا السرير فتتأكد من أنه الزوج التائه في ظلمات البحور والعائد إليها من جديد. وتأكيدًا على ما أوردته بشأن غموض زوجة أوديسيوس فإن اليوم التالي لاجتماعها بزوجها يطلب منها أن تحبس نفسها في غرفتها ولا تخرج منها مهما حصل بسبب الثأر المحتمل الذي سيأتي ذوي الخطَّاب لطلبه من قلتة أبنائهم. يغيب ذكرها بعدها في عالم الأحياء تمامًا فما من أحداث تخصها لكن ذكرها يعود مجددًا على لسان من ذمَّها ضمنيًا شبح الملك أجاممنون -عندما التقى به أوديسيوس في رحلته إلى/ في منزل الأموات- بعد أن يلتقي بأشباح الخطّاب ليثني عليها ويغبط أوديسيوس على زوجته المخلصة مقابلة بحاله ومقتله على يد زوجته كليتمنسترا وعشيقها إيجيسثوس.   


الجزء الثاني

الجزء الثالث

هناك 3 تعليقات:

  1. يعطيك الف عافية
    احببت هذه المقالة وهذا التحليل، لم أقرأ الإلياذة ولا الأوديسة، لكنني أحببت التفاصيل ها هنا.
    ملاحظة: قرأت المقالة كاملة.
    استمر وبالتوفيق دائما

    ردحذف
    الردود
    1. شاكر لك لطيف كلماتك وقراءتك وأرجو أن تقرأي بقية القراءة عن الأوديسة.

      حذف
  2. هل تحتاج إلى تمويل؟
    هل تحتاج إلى قرض للعمل أو للاحتياجات الشخصية وتمويل المشروع؟
    هل ترغب في إعادة تمويل عملك؟
    نحن نقدم قرضًا لكل شخص أو شركة بفائدة 3٪ سنويًا.
    لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بنا عن طريق البريد الإلكتروني:
    contact@waheedfinance.com
    واتساب:+91 79757 16892
    اعتبار
    وحيد المالية

    ردحذف

مذكرات عوليس

مذكرات عوليس   ١ أكتوبر . عوليس الرواية التي فصلت تاريخ الرواية إلى جزئين ما قبل عوليس وما بعد عوليس كما يصفها م...