الاثنين، 24 يوليو 2017

مجموعة قصائد ونصوص نثرية

أنا متعب يا حبيبتي 
من كثرة الحنين 
والخوف أن أكون بعدك غريبًا 
وأسافر وحيدًا بين السنين

أتخيل عالمي من دونك 
حين أصحو في الصباح 
أتذكر صوتك كزقزقة عصافير
وقد هاجرت مع الرياح
طال بها التجوال في رحاب السماء
ولم تترك لي سوى الأتراح 

أنا متعب يا حبيبتي 
والتفكير يستعمر أركاني
يهشمني ويحطم وجداني



________________


غادري 
كما أردتِ يومَ لقيتني 
حافيًا في أرض أحلامي ونزواتي
باحثًا عنكِ ولا أعرف ميعاد قدومك
راجيًا صوتًا لم أسمعه من قبل 
مُتكئًا فوق الأمال الميتة 
راجعًا أحمل خيباتي 
فغادري ما كُنتِ يومًا مُشرعةً بوجهي أبوابك
فهذه الأقفال الحزينة 
قد أنهكتها كُثرة الهموم والأوجاع 

غادري 
كما أردتِ يوم لقيتني 
كشجرة توشكُ على الموت 
كزهرةٍ ذابلة في صحراء الاشتياق
كبئرٍ جفَّ،  هذا اليباب كان ينادي
وانكسر بارتواء هزات الأرض تحت قدميك
لم تكُوني ثقيلةً ولا خفيفة 
لم تكوني حقيقةً ولا خيال
لكن كفّكِ واسعٌ كسماءٍ تستجيب للدعاء
يهزني يضمني يرفعني يكسرني





غادري 
كما أردتِ يوم لقيتني 
بلا وجهة ولا هوية بعد موت الأمل
بلا أرضٍ ولا قضية، مهاجرٌ تعس
ولا تنسيّ أن تأخذي كل عطاياك 
وما أهديتني من نعيم مُستعار 
فما نفع الريح في صحراءٍ بلا طاحونة
حقلُ أيامي تُربته قد سبخت
يا فلاحة عُمري جفّ عمري 
ولن تنزّ ضروع رجاءاتي راحة قلبك 
فغادري كما أردتِ يوم لقيتني 




________________


الأرض تبكي موتاها
حين تساقطوا كثمارٍ تالفة 
قام لاموسو بلملمتهم 
جناحاه تعبتا من ثقل ما حمل
ها هو الآن يبكي أبناءه
لاموسو يا حارس مدينتا 
خذ جميع هذه الأجساد 
وأزرعها في جنان أشور الخالدة

فبلدتنا قد شبعت لحم البشر
ونفسها عافت مذاق الدماء
مع كل رأسٍ يطير تتساقط سماء
مع كل رضيع يموت يُبعث نبي من الأنبياء
مع كل امرأة تصرخ يُصاحب صداها رجفة
تُعيد التاريخ ألف ألف سنةٍ للوراء 

يا طيور الموت المهاجرة 
خُذي كلَّ ما تريدين وأرحلي
خذينا نحن معك لنسافر بعيدًا
هناك لنشرب كأسًا من الحياة 
هناك لنغرس أمانينا المتبعة من كثرة الطلب
نَقدمُ إلى بساتين خضراء
ننام هناك ولا تُوقضنا أجراس الخوف
ولا تُزعج راحتنا منبهات الخوف
يا طيور الموت المهاجرة 
قد أطلتِ في هذه الأرض البقاء 

أنا لستُ كغيري عند النكسات 
لا أخاطب سواك يا ذاتي 
أراك تندبين حظ هذا الزمن 
وتزرعين فيَّ من مأساة الأطفال اللعنات
فوق هذا الجسد هناك ألف موتة
هناك كل ما سمع البشر من طعنات
يا بلاد القتل الطويل 
كأننا ولدنا من رحم الموت 
كأننا سربٌ مهاجر من الخرافات 
نهطل فوق تراب الذكريات 
كجثث خالدة لم تعرف طعم الحياة




________________




هذا اليوم طويلٌ جدًا 
ولا يريد أن ينتهي 
مع كل إشراقةِ شمسٍ 
لا تكونين بجانبي 
تموت كل الأشياء حولي 
لتصبحَ دقائقًا تمدُّ الزمن بساعاتٍ إضافية 
تُكثر فيها من عذاباتاي 
الطريق ما بين السرير والباب
يبدو كحربٍ دموية الخطوات
الخطوةُ الواحدة تكلفني لترًا من الدموع 
أصبها فوق النار التي تُراقص أطرافي

**** 

أنقذيني من كل أطياف الماضي
من الضحكات العابرة 
وهمس صوتك الذي يسكنُ مسامعي 
خيالاتي سجّاني النشيط
يمنعني من الواقع، يبعثني لدنيا الأوهام 
يسلبني من ذاتي 







****

عادةٌ جديدة ألفتها بين كل من يكتب عن حبيبته
يضعها في دوامة الأبيات تائهة
ثم يلاحقها في هذا التيه الكبير
ما أنجع كل هؤلاء ويا لحذقهم في إيجاد كهوفٍ للسهر
وأنا ضآلٌ في صحراء عينيكِ 
هذا الرمل الذي يملأ فمي 
هو العهد الإخير من أحزانك 
حين يُصبح الماء حفنة تراب 
وكل الخطوات تذهبُ دون إياب 
نسرحُ أنا والقمر عند ميناء المدينة 
نُراقبُ البواخر تَلد كُل حمولاتها
هذه الأجنة المُغلفة بأكياسٍ صلبة، ولها ألوان كثيرة
تبدو كأنّها نجوم ميتة عادت للحياة
كشرارةٍ لنارٍ تُحرق المحار
يُصادفني عاشقان هربا من التيه
هو يُجيد صُنع المغامرات فوق جسر إنوثتها
يعبران من خلالها أمامي إلى أرض الأمهات الحزينة
يأخذ من جسدها عينةً تكون له رهينة
أتقاعس عن متابعتهم فالقمر يُغني ويسحرني صوته
يبدو أني حلمتُ كثيرًا ولم أُغادر وسادتي
وصدى الليل المُظلم ما زال يُغطي جفونك
هكذا تقول العرافة في كتب الأطفال




________________




أصاب الحب قلوب العشاق أسهما
فتمردوا وصنعوا من حُبهم صنما

يداوون به جراحًا عند الشوق نزفت 
دمعًا، وكان الدمعُ في الحب دما 

فما يُبرؤون مما أصابهم إلّا برؤية
المحبوب أحقيقةً كان أو مجردَ وهما

وليلاي بعد طول الترّجي لي جنحت 
ووهبت لي ما كان في قلبها قد نما

فقلت لها يا محلى الوجود بعودتكِ
يا خالدةً كالنور، يا حلمًا بالليل سما

يدور على رؤوس المُعذبين بلا كللٍ
وحين يزورني يُشعل برقته الهمما 

فينيرُ دروب روحي بعدما أسكنها
طول غيابك ليلًا مكفهرًّا ومظلِما 

لو نطق الحبُ يومًا فما كان لسواك
قد أعلن حبهُ وما كان لعداك انتمى

__________________







يا بنت أرض نجد هلمي
 وأنصتِ لشعري واحكمي 

فما لي غير سمعكِ غايةً 
ولا لسواكِ قد كان مقدمي

إنّي غُذّيتُ العشق صغيرًا
 فَهِمْتُ بالحبِ كمن لم يَهُمِ

وقد صَبغ الحبُّ فيَّ صِبغهُ 
فصار كالحمرةِ في الدمِ

فأخذني من ذاتي ولم ينفع 
لحالي دعاءُ أبي أو أُمّي

قالوا الغرامَ سلب فؤاده 
فطار حيثُ الأقمار والأنجم

ما بي عِلةٌ وما لمّني مرضٌ
 من رأى رؤياي إياي لم يلمِ

ولم يعشْ ساعةً هادئ البال 
ولم يهنأ إلّا بقربها ولم ينمِ

فحديثكم بجهلٍ هو الأذى
 والجهلُ بالجمال أكبر الظلمِ


بيضاءٌ جمعت كل المحاسن
 والنور يلفها من الرأس للقدم ِ

فالوجهُ كبدرٍ فوق بدرٍ صُبَّ 
من لؤلؤٍ أنار في الليل المُظلمِ

والجسدُ ريّانٌ مسجوع الخُطى 
واليدُ والأقدامُ لينة كالعَنمِ

وريحُ الفمِ بعد يقضةِ نومها
 كالصِّوار بالكافور مُطعّمِ


ولبيه بصوتها قد تزيّنت
فهي العروس في عُرسِ الكَلمِ 


تحاببنا عامًا بعد عامٍ فكان
الحبُ لنا هو أعظمُ النِعم 

خيمةٌ تضمُّ ليل أسرارنا
ونجمةٌ تهدينا نحو القمم 

ما انتميتُ لأرضٍ ولا موطنٍ
ولها دون العالمين أنتمي 

لها ما نطقتُ من حرفٍ وما
كتب ويكتب وسيكتب قلمي


________________





إذا الليل بظلمته أضاع الحكايا
وتحجبّت بدياجيــه كـل الخطايا

فصــار فيـه الأراذل دُعـاة خيرٍ
وأنقلبت جرائمُهم لجميل المزايا 

فهذا يّدعي سترًا لما هو مستور
وهو بالفضيحـة مسـربلُ البلايا 

فأضحى زماننا يقود ركبه نذلٌ
حقيـرٌ، أفّــاكٌ، سـيءُ السجايا

ينادي بالفضيلة وهو بعيدٌ عنها
كبعـدِ الشـرفِ عن اسم البغايا

فأيا عُربٌ أمَــا فيكــم من يعيدُ
لنا مجدًا بعد كـلِّ هذه الخزايا

فلا الملوك أهلٌ لما تملّكوه قسرًا
ولا الزعماءُ بيضٌ وخيّرو النوايا

تلطّخ البيت الشريف بالشبهاتِ
فأضحى مرتعًا وركوبًا كالمطايا



___________________




 يا عراق النخيل والشهداء 
 يا مهـد الأحبـة والأنبيــاء 

يا نكسـة النـور والهدايـة 
ستشمخُ مجددًا للسمــاء

بقيةٌ من كل حضارة فيك
للأمام هيا بعد كل الوراء

لا مذهبــًا ولا عرقًا نـريد
ولا وصيـًا ولا كل الأولياء 

ولا غمـًا ولا همًا ولا دمار
فقد ارتويــنا من الدمــاء 

مضـوا ومضيـنا وبقيت 
وانتكس بحماك الأعداء

***
اشرأبت الرماحُ للظلام 
لمّا أطـلّ بكــل الـرؤوس 

ومن خلف كل رمحٍ تقف
رجالًا أصابعها الفؤوس 

تحوس الكفر قبل قدومه
وتبدده من كــل النفوس 

وقفت طويــلًا بلا متكئٍ
فقد حان وقـت الجلوس 

ومحاسبة من باع الأرض
بأبخس الأثمان والغموس

فتبت يدًا أرادت بك سوءًا
من عُرب كانت أو مجوس




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مذكرات عوليس

مذكرات عوليس   ١ أكتوبر . عوليس الرواية التي فصلت تاريخ الرواية إلى جزئين ما قبل عوليس وما بعد عوليس كما يصفها م...