الأحد، 8 أكتوبر 2017

النثر الشعري



هو أحد الأجناس الأدبية النثرية الحديثة، وقد جاءنا من الغرب، حيث تعود بدايات هذا النوع النثري في أوربا إلى القرن التاسع عشر في فرنسا وألمانيا كردة فعل ضد السطر الشعري (وهو عدد الكامل للمقاطع في السطر الشعري الواحد "البحر الشعري") واستمرت الكتابة لهذا النوع الأدبي النثري في القرن العشرين في فرنسا وبرز العدد من الكُتاب.


يتميز النثر بروح الشعر في مقاطعه النثرية، فهو نثر يُكتب بملامح، وميولٍ شعرية، وكثيرًا ما يتم اللبس بينه وبين الشعر النثري، فالأول قاعدته النثر وروحه الشعر، والثاني قاعدته الشعر وروحه النثر.

يقول أنيس المقدسي: (لابد من التمييز بين النثر الشعري والشعر المنثور، فالأول أسلوب من أساليب النثر تغلب فيه الروح الشعرية من قوة في العاطفة وبعد في الخيال، وإيقاع في التركيب وتوافر على المجاز، وقد عرف بذلك كثيرون في مقدمتهم جبران خليل جبران حتى صاروا يقولون الطريقة الجبرانية...). 

فالنثر الشعري، هو تحرير للنثر من نثريته، وصبغه بلون الشعر، ومن الأمثلة عليه ما كتبه جبران في كتاب العواصف*:

يا ليلَ العشّاق والشعراء والمنشدين.
يا ليلَ الأشباح والأرواح والأخيلة.
يا ليلَ الشوق والصبابة والتذكار.


وعند تحليلنا لهذا المقطع، نرى بصورة واضحة، أن النثر جاء بهيئة ونَفَس شعري، وزرع الشعر في حقول النثر، وضبط إيقاع النثر بصيغة شعرية.


ويقول أيضا في كتاب العواصف:

والعبودية الحدباء- هي التي تقود قوما بشرائع قوم آخرين
والعبودية الجرباء- هي التي تتوج أبناء الملوك ملوكا
والعبودية السوداء- هي التي تسم أبناء المجرمين الأبرياء
والعبودية للعبودية  نفسها هي قوة الاستمرار.

وأيضا:

أنا مثلك وكلانا مهتم بما ليس فيه 
وأنا مثلك بأميالي وأحلامي وخُلقي وأخلاقي 
وأنا مثلك وإن لم يتوجني المساء بغيومه الذهبية. 



ومن خلال اطلاعنا على الشعر والنثر وفنونهما، كقصيدة النثر والنثر الشعري، نجد أن الأجناس الأدبية التي انشقت وتطورت منها، هي عملية ذات صيرورة وسيرورة أدبيتين طويلتين، إن الأديب والشاعر، دائما ما يبحث عن الإبداع، ولأن الكتابة هي الوسيلة التي من خلالها يقوم الكاتب في صياغة مشاعره وأحاسيسه وما يعتلجُ في خلده، تبقى أُفقها واسعة، وتنشق الأجناس الأدبية بعضها عن بعض، فتارة يكون المولود تام الخلقة هيئةً وشكلًا، وأحيانا يكون مشوهًا، وبما أنه لا توجد هناك قوانين مطلقة تحكم الشعر والنثر، إلا ما اتفق عليه الأدباء جيلا بعد جيل، أصبح هذا الاتفاق المبرم قانونًا للكتابة، لكن هذا لا يمنع أن تستمر عجلة التطور بصورة متصلة بالأجناس الأدبية السابقة، لتستمر في إبداع فنون أدبية جديدة، ويبقى على مُبدعها مهمة أن تكون صنعته، تامة وكاملة، غير قابلة للنقض أو النقد الذي يهدم قواعدها، لأجل أن تحجز لها مكانًا في  عالم الأدب. 




*كتاب العواصف لجبران خليل جبران لتحميله من خلال الرابط: 

هناك تعليقان (2):

مذكرات عوليس

مذكرات عوليس   ١ أكتوبر . عوليس الرواية التي فصلت تاريخ الرواية إلى جزئين ما قبل عوليس وما بعد عوليس كما يصفها م...