الأحد، 24 ديسمبر 2017

متى ولد المسيح فعلا؟ ليسلي وايت- ترجمة وإيضاح مؤمن الوزان.

متى ولد المسيح فعلا؟  ليسلي وايت - ترجمة وإيضاح مؤمن الوزان.

- أدلة الكتاب المقدس تُبيّن إن على الأغلب المسيح لم يولد يوم ٢٥ كانون الثاني - ديسمبر.

تزامنت احتفالات رأس السنة مع هذا التاريخ (٢٥ كانون الثاني). سواء كنا نستمع لقصة ميلاد المسيح أو نتخيل المشهد، المهم إن احتفالات رأس السنة (الكريسمس) هي يوم ميلاد المسيح في كل مكان. لكن ما أصبح لدى الناس كمعتقد شائع ليس صحيحًا من الناحية التاريخية. إنجيل ماثيو وإنجيل لوقا، هما الوحيدان اللذان ذكرا ميلاد المسيح في العهد الجديد. وكلا الإنجيلين يُظهر زاوية مختلفة من القصة. لوقا يبدأ من الناصرة (مدينة في فلسطين ترعرع فيها عيسى (عليه السلام) ونُسب إليها فيسمى بعيسى الناصري) وماثيو يُركز فقط على أحداث بيت لحم (مدينة في فلسطين يُقال أن عيسى ولد في إسطبل في هذه المدينة وبُنيت فيها كنيسة العهد إحدى أقدم الكنائس).
كلاهما لا يشيران ولو جزءيًا عن تاريخ ولادة المسيح مما يجعل معرفة تاريخ ميلاده أمرًا عسيرًا جدا. كتبة الإنجيل نادرًا ما يخبروننا بأحداث حصلت في سنة ميلاد المسيح أو زمن الولادة.

  • الكتاب المقدس لم يُشر لتاريخ ميلاد المسيح أو الشهر الذي وُلد فيه بالضبط. هناك نظريات مختلفة حول احتفال المسيحين في هذا التاريخ بالتحديد (٢٥ كانون الثاني). إرثٌ مسيحي قديم جدًا، يقول أخبرت مريم (عليها السلام) أنها ستُرزق بمولود مميز جدا، المسيح ( هكذا بشرها الملك جبرائيل باسمه) في يوم ٢٥ مارس - شباط، وما زال الناس يحتفلون بيوم ٢٥ كانون الثاني، بعد حساب ٩ أشهر من  تاريخ هذه البشارة  والذي سيُصادف يوم ٢٥ كانون الثاني. بينما آخرون يعتقدون إن سبب الاحتفال في هذا اليوم، لأنه يصادف (ميلاد الشمس) وهو معتقد ديني قديم جدا. الإنقلاب الشتوي ومن ثم غياب الشمس والاحتفال القديم هو احتفالًا بعودة الشمس. عيد ساتورناليا "زُحاليا "Saturnalia  (عيد روماني احتفالا بإله الشمس Saturn "زُحل" في الميثولوجيا الرومانية) وعيد Dies Natalis Solis Invicti (كذلك عيد روماني احتفالا بإله الشمس، وتم اختياره بصورة رسمية يوم ٢٥ كانون الثاني سنة ٢٤٧ م).

وكان يوم ٢٥ كانون الثاني منتشرًا ومعروفا لدى المسيحين، ولم يكن بسبب ميلاد المسيح. وإذا دققنا البحث في الكتاب المقدس، نجد المؤشرات تبين إنه من المستبعد ولادة المسيح في هذا اليوم.


وهنا بعض الأدلة: 
  • نعلم إن الرعاة كانوا في الحقول يراقبون قُطعانهم في الوقت الذي ولد في عيسى (عليه السلام). 
مخطوطة الكتاب المقدس تُخبرنا: "مريم ولدت بكرها، الذكر. وغطته بالثياب ووضعته في مزود، (استخدمت معلف الدابة يوضع فيه القش كمهد). لأنه لم يكن هناك مكان لضيف لدى هؤلاء الرعاة، وكان هؤلاء الرعاة في حقولهم يراقبون أغنامهم حتى المساء". (لوقا ٢:٧-٨)

لكن الرعاة لا يرعون في حقولهم أثناء الشتاء (كانون الثاني). إنجيل لوقا يقترح أن من المحتمل إن المسيح وُلد في الصيف أو بداية الخريف.
في كانون الثاني مدينة يهودا تكون باردة وممطرة، وهذا يعني أن الرعاة سيذهبون للبحث عن مأوى لقطعانهم قبل حلول المساء. الطقس لم يكن يسمح للرعاة أن يراقبوا قُطعانهم في المساء! 

  • والدا المسيح (مريم وخطيبها) أتيا إلى بيت لحم لتسجيله في التعداد السكاني الروماني.

  • من أجل تسجيله في التعداد السكاني وفقا لـ(لوقا ٢:١) كان السبب في رحلة يوسف ومريم إلى بيت لحم حيث ولد المسيح، يرتبط تسجيل في التعداد السكاني بمروسوم الإمبراطور أُغسطس الشامل للعالم الأغريقي - الروماني. لوقا يميز بدقة عملية التعداد السكاني في سنة ولادة عيسى. وبسبب انخفاض درجات الحرارة وصولا لدرجة التجمد، وحالة الطُرق السيئة جدًا، لم يتم تسجيل التعداد السكاني في تلك السنة، هذا الوقت من السنة لم يُسمح به ولم يكن هناك تعداد سكاني.


  • الشتاء قد يكون شاقا على مريم عليها السلام للقيام بهذه الرحلة.

سافرت مريم لمسافة طويلة من الناصرة إلى بيت لحم، والتي كانت تُقدر ب٧٠ ميلا. الشتاء يبدو شاقا خاصة لمريم الحامل في رحلة طويلة كهذه. زمان مريم ويوسف كان خطرًا وصعبا، ومن الأمور الفظة أن كتبة الإنجيل لم يدونوا رحلتهم إلى بيت لحم بصورة وافية وكاملة. كتبة الإنجيل ماثيو ولوقا "كانوا موجزين جدا في موضوع أحداث ميلاد المسيح، لأنهم افترضوا أن القرّاء سيعرفون كيف ستكون الظروف المرافقة للولادة!" يقول جيىس ف. سترانج البروفيسور في علم الآثار الخاص بالعهد الجديد والكتاب المقدس في جامعة جنوب فلوريدا في تامبا "لا نملك أي فكرة عن مدى صعوبة ميلاد المسيح" 
تقديرات سترانج تقول "إن مريم ويوسف سافروا لمدة تُقدر بـ١٠ ميل يوميا فقط، لأن مريم كانت وشك الولادة".
تاريخ ميلاد المسيح استمر النقاش فيه على مدى واسع وبصورة خاصة الشهر الذي ولد فيه. العديد من دارسي الكتاب المقدس يعتقدون إن المخطوطة تُشير إلى الخريف من تلك السنة والذي يبدو الأكثر قربا لتاريخ ولادة المسيح. 
في ٢٠٠٨ جادل عالم الفلك دايڤ رينيكه بأن المسيح ولد في الصيف، رينيكه أخبر "العالِم الجديد New scientist" إن نجم بيت لحم قد كّون من تشكيل كوكبي الزهرة والمشتري معًا ضوءًا ساطعا في السماء. وباستخدام أجهزة الحاسوب، رينيكه يجد إن هذا الحدث النادر وقع في ١٧ حزيران يونيو سنة ٢ ق.م.
وأعلن باحثون آخرون بأن اقتران مشابه حدث ما بين زحل والمشتري في أكتوبر سنة ٧ ق.م. مما يجعل المسيح طفلا خريفيا "مولود في الخريف". 
واقترح علماء لاهوت بأن المسيح ولد في الربيع، بالرجوع إلى السرد في الكتاب المقدس بأن الرعاة كانوا يراقبون قُطعان مواشيهم، في الحقول في ليلة ولادة المسيح- رُبما أرادوا فعل شيءٍ في فصل الربيع وليس في فصل الشتاء. الكتاب المقدس لا يشير في أي موضع على ولادة المسيح في منتصف الشتاء للأسف، ولا يمكن لأي أحد أن يعرف بالضبط متى ولد المسيح!


إن الموضوع الذي يركّز عليه كتبة العهد الجديد ليس تاريخ ولادة المسيح، بل إرسال الرب ابنه (تعالى الله عما يقولون) في الوقت المناسب من أي زمن آخر في التاريخ من أجل أن يُكمل هدفه بإنقاذ البشر وهكذا يوفي بوعده.

يقول بولس "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه (تعالى الله عما يقولون) مولودا من امراة مولودا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غلاطية ٤:٤-٥) نقلته من إنجيل غلاطية بالعربية.
ونقرأ في إنجيل مرقس "ذهب المسيح إلى مدينة الجليل معلنا إخبارًا عن الرب، الوقت قد حان".
 "مملكة الرب قد أزفت وتب وآمن بالأخبار الصالحة" (ماثيو ١:١٤-١٥)

من المثير للاهتمام أن نعرف بأن ميلاد المسيح من منظور تاريخي، أما من منظور لاهوتي فهو أمر ذو أهمية ضئيلة حين ننظر إلى الموضوع بصورة أكثر شمولية. أهمية معرفة تاريخ ميلاد المسيح ليست  بذات قدر أهمية معرفتنا بأنه قد ولد فعلًا، والأكثر أهمية أن نعرف لمَ ولد. الكتاب المقدس يوضح الأمر بصورة جلية.


المصدر: 
http://www.beliefnet.com/faiths/christianity/articles/when-was-jesus-really-born?p=2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مذكرات عوليس

مذكرات عوليس   ١ أكتوبر . عوليس الرواية التي فصلت تاريخ الرواية إلى جزئين ما قبل عوليس وما بعد عوليس كما يصفها م...