الاثنين، 6 أغسطس 2018

أكبر مما يعتقدون - محمد عواد.


كتاب مقالات للإعلامي الرياضي محمد عواد، قد تقرأ كتابا ما وتُعجب بكاتبه وتتعرف عليه ويجذبك فكره أو عمله وتبحث عن كتبه الأخرى، لكن أن تقرأ لكاتب -كما حدث لي- وأنت تُتابعه وتقرأ له بصورة يومية في عصر السوشيال ميديا، تفهم فكره ولديك معرفة مُسبقة بآرائه وأسلوبه، ستكون تجربة القراءة له محفوفة بالمخاطر، فماذا سيبقى له ليُبهر القارئ  أو يُجعله يُعجب بعمله وأفكاره؟ قد أكون صارما في تعاملي مع الكتب وكيفية استقراء النص، لكن هذه الصرامة تُضفي لآلية القراءة عناصر تُمكنك من الكتاب الذي بين يديك وتدلك على مكامن القوة فيه. مقالات رياضية، معلومات قد لا تغيب أكثرها عن المتابع اليومي لأحوال الكرة وأخبار لاعبيها، لكن ما قام به محمد عواد في هذا الكتاب، هو تسليط الضوء على الجانب الخفي من عالم الرياضة عامة وكرة القدم بصورة خاصة، وعلى الجانب المنسي أو المتناسى في عالم الرياضة وأهلها، مقالات تُعيد توجيه ذهن القارئ إلى الطريق الصحيح الذي يجب عليه التعامل مع الرياضة بطريقة ينصب جزءٌ كبير منها على الجانب الإنساني للرياضيين، وكيف يمكن لرياضة من الرياضات أن تكون مثالا لك في جوانب حياتك كافة. ما قام به محمد عواد في مقالاته الرياضية هو رسم كرة القدم والرياضات الأخرى بصورة لم يغب عنا جانب منها، نحن كمشاهدين ومشجعين لفرقنا ننظر لما يهمنا لاعبنا المفضل ونادينا الذي نُشجع بصورة كبيرة ضمن التسعين دقيقة لا أكثر، نهتم بسوق الانتقالات، من سيأتي من سيرحل، تركيزنا منصب على ما نحبه فقط في هذه الرياضة وتلك وأثناء وقت ممارستها من قبل هؤلاء الرياضيين، لكننا ننسى عوائل اللاعبين مشاعرهم، حياتهم الخاصة، أطفالهم، مدارس أطفالهم. وأكثر ما لفت انتباهي وشدني من المقالات هي تلك التي تركز على الجانب الإنساني والعائلي من حياة الرياضي، ونحن الآن في موسم الانتقالات الصيفية، قد كنت مهتما باللاعب الذي سيأتي لناديّ  ومن سيرحل كأنهم قطع غيار لا أكثر قبل قراءتي المقالة التي تحدث فيها أوليتش لاعب بايرن ميونيخ السابق عن رغبته بمعرفة مصيره في حالة مغادرته أو تجديد عقده، لكي يعرف أعليه أن يسجل أبناءه في المدرسة أم ينتظر الفريق الجديد والمدينة الجديدة، بعد قراءة المقالة، تغيّر الأمر كثيرا فحين أقرأ عن انتقال لاعب من نادٍ إلى آخر، فأول شيء يخطر في ذهني حال أسرته وكيف سيتأقلمون مع المدينة الجديدة، الأبناء والمدارس الجديدة، الزملاء، نمط الحياة التي تغيرت، وأجد نفسي مجبرا على الاعتراف أن هذه المقالة وغيرها أحيت بداخلي التعاطف مع اللاعبين وأسرهم بطريقة لم أشعر بها مُسبقا رغم أني أشاهد كرة القدم منذ ستة عشر عاما. 
قد يظن القارئ لما أوردته سالفا أن الكتاب يُركز على الرياضة والجانب الإنساني منها، إلا أن إحدى فوائد هذا الكتاب هو استغلال حوادث الرياضة التي نعرفها جميعا كأمثلة حياتية نستفاد منها على المستوى الشخصي أو الجماعي، تنمية بشرية عن طريق الرياضة، ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل تبرز خبرة محمد عواد في مجال الأعمال والإدارة ضمن هذه المقالات، فهي مليئة بالنصائح التي يحتاجها أي منا في حياته العملية، لا يبخل بهذه النصائح في مقالاته، ومن عنوان الكتاب "أكبر مما يعتقدون" تبرز قيمة المقالات أكبر مما قد يظن القارئ للعنوان، فما يُثري به القارئ وما يكتسبه يجعل للكتاب قيمته الأدبية كذلك، القيمة الإنسانية التي يسعى لأجلها أي أديب من خلال تسليط الضوء على العادي والمألوف والارتقاء به لمصاف غير المألوف والمميز. هي ليست مجرد مقالات رياضية، بل مقالات حياتية يحتاجها الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مذكرات عوليس

مذكرات عوليس   ١ أكتوبر . عوليس الرواية التي فصلت تاريخ الرواية إلى جزئين ما قبل عوليس وما بعد عوليس كما يصفها م...